"بدون"·· شعراء
نشمي مهنا
محمد النبهان شاعر رائع، لم ألتق به ولم أتعرف به عن قرب، بعد، لكني أقرأ له نصوصا شعرية في أكثر من مجلة، وأتابعه على أكثر من موقع· مشكلته وخسارتنا أنه بلا موقع (مكاني)· هو يظهر فقط على شبكات الإنترنت كالشبح الطيب، لا أثر له ولا ملامح سوى الكلمات الشعرية، التي ينثرها بيد كريمة في فضائنا·
حال النبهان حال كثير من الأصدقاء ممن تعارفت قوانينا على تسميتهم بـ "البدون"· نعرف أنها مشكلة أكبر من فرد أو جماعة، ومتصلة بفئات وعائلات وحالات إنسانية، ونعرف أنها آلم من مجرد هوية مفقودة لابن وُلد ونشأ في هذه الأرض لا يحمل سوى هويتها (بالمعنى الوطني أو بمعاني الانتماء)، ونعلم أنها أم القضايا المحلية الشائكة، لكن ما رأيناه في الآونة الأخيرة من انفراج·· يبشر بالحل·
في قطاعات كثيرة، كالفن والرياضة والتخصصات النادرة وغيرها مُنحت وثيقة الجنسية للكثير منهم عن استحقاق، وبمبرر رسمي تحت عنوان تقديم "خدمات جليلة"، وكان لرؤساء وزعامات وشيوخ هذه القطاعات دور كبير ووفي في هذا المنح، الذي يعد مكسبا للكويت·
وفي هذا، نتذكر نحن أهل المهنة المنسية أصدقاءنا الكتّاب والشعراء والأسماء القريبة منّا من أهل الثقافة ومبدعيها·· ما زالوا بلا هوية تسمّي الانتماء، وتبادل من أحبها الحب وتوثّقه·
ما زال القاص يبني حلمه في حكاية، والشاعر يحمل وطنه في قصيدة، وأحيانا يدفعه حلمه الى لفلفة وطنه الخفيف والرحيل به الى غربة باردة تملأ قلبه· مثلما فعل·· محمد النبهان·
خسارة باهظة على قلبين، من أتعبه الحنين الى أرضه، وقلب وطن فرّط ولم "يوثق" الحب·
قدر محمد النبهان أن يطل علينا من شبكات الإنترنت كشبح، هو قدر مشابه لما كان عليه، حينما كان يعيش، هنا، بلا هوية·
يمتدحه شعراء عرب معروفون، يغرم به نزيه أبو عفش، يتابعه محبو شعره، قد لا يعني هذا شيئا عند الجهات الرسمية، وأصحاب القرارات الذين لم يقنعوا بعد أن في الثقافة "خدمات جليلة"!
شعراء "بدون" مثّلوا الكويت في مهرجانات رسمية، وأدباء لا يُعرَّفون عربيا إلا ببلدهم الكويت وآخرون كل منجزهم الأدبي لا يصب إلا في الخانة الكويتية·· أما آن أن يلتفت إليهم صاحب قرار، خصوصا، بعدما تفكك الشائك في قضيتهم؟!
nashmi22@hotmail.com