كتب غسان الدوسري:
شاركت الكويت و13 دولة عربية في اجتماع مجموعة العمل المالية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أواخر الشهر الماضي لتنظيم عمليات تحويل الأموال بصورة غير رسمية، وعمليات نقل مبالغ ضخمة من الأموال السائلة، وتنظيم عمل المؤسسات الخيرية، وذلك في إطار جهد إقليمي مواكب للجهود الدولية لمكافحة تمويل العمليات الإرهابية، وكان نائب وزير الخزانة الأمريكي لشؤون ومكافحة تمويل الإرهاب قد شارك في الاجتماع بصفة مراقب·
ومحليا فإنه من المرجح أن يتم الإفصاح هذا العام – وللمرة الأولى - عن حجم التبرعات التي تجمعها الجمعيات الخيرية في الكويت خلال شهر رمضان والتي ظلت طوال الوقت مغيبة بسبب ضعف الأنظمة الرقابية والمحاسبية، وذلك استنادا الى إلزام الجمعيات هذا العام بتزويد لجنة تنظيم العمل الخيري وجمع التبرعات في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بكشوف عن المبالغ المجمعة، لكن ليس هناك أي مؤشر عن نية الحكومة الكويتية إيجاد آلية مالية ومحاسبية تكشف عن حجم هذه الأموال والتي تقدر بملايين الدنانير لكل سنة على حدة·
وقد تبنت مجموعة العمل المالية التي أنشئت في نوفمبر عام 2004 على غرار المجموعة المعنية بغسيل الأموال ومقرها باريس المشكلة بقرار من مجموعة الدول الصناعية السبع عام 1989 عددا من الإجراءات منها ضمان تسجيل الحوالات المالية شائعة الاستخدام بين الدول العربية والتي كانت إحدى الوسائل التي يعتمد عليها تنظيم "القاعدة" في نقل الأموال، والإفصاح عن نقل الأموال السائلة عبر الحدود عندما تزيد عن مبلغ محدد، وتفتيش بعض ناقلي الأموال السائلة والمعادن والمجوهرات الثمينة، وفرض رقابة على نشاط وتراخيص الجمعيات والمؤسسات الخيرية·
وستبدأ المجموعة تقييم أعمال بعض الدول المنظمة في العام 2006 على أن تستكمل لجميع الأعضاء في العام 2010 وستلتزم هذه الدول بتقديم تقارير دورية عن الإجراءات التي تطبقها وإلا علقت عضويتها·
وتتعرض البنوك التي تتعامل حسب الشريعة الإسلامية لمراقبة وضغوط من قبل الولايات المتحدة إثر التعاميم التي أرسلتها للعديد من هذه البنوك بعد تفجيرات 11 سبتمبر· وحملت صيغة تهديد لأي منها إذا ثبت أنها تتعامل مع أي مؤسسة أخرى أو شخص يرد ذكرهما في قائمة الحسابات الإرهابية·
وقد أدت عمليات المراقبة الدولية على المصارف الإسلامية الى تأجيل بعض البنوك الأخرى لمشاريع تدشين أقسام تتعامل بإدارة الأصول المالية حسب الشريعة الإسلامية خوفا من أن تطالها يد المراقبة كما حدث في دولة الإمارات العربية المتحدة·
ويرجع بعض المحللين تراخي بعض الحكومات العربية وخاصة الخليجية في اتخاذ إجراءات صارمة وشفافة تجاه تمويلات الجمعيات الخيرية التي انحرف بعضها في دعم عمليات وتنظيمات إرهابية كشفتها أحداث الحرب على أفغانستان وحملة مكافحة الإرهاب في باكستان إلى عدم رغبة تلك الحكومة في الاصطدام مع بعض الجماعات الدينية ويتضح ذلك في كل من الكويت والسعودية· ويبقى موضوع إحكام الرقابة على التمويلات الخيرية موضوعا ساخنا، فرغم أن الصورة الدولية تفصح عن طرف قوي ضاغط (الولايات المتحدة) وآخر خاضع (الدول المتهمة) في مجالات محاسبية ورقابة على البنوك، إلا أن جانبا سياسيا أكثر إثارة يدور في بلدان التمويل مع جماعات دينية وأصولية ومؤسسات إسلامية لم تخضع إلى الآن إلى رقابة كاملة من قبل الدول التي تمارس نشاطها فيها وهو ما سيشكل تحديا أمام الجهد الدولي لمكافحة الإرهاب!