رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 10 ربيع الآخر 1426هـ - 18 مايو 2005
العدد 1678

إسرائيل تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديدا لوجودها

                                                   

 

·         امتلاك طهران القنبلة النووية سيفتح شهية مصر والعراق والسعودية لامتلاكها

·         إيران ستنسحب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة كما فعلت كوريا الشمالية

·       البعض يتصور قيام ما يشبه الردع النووي المتبادل بين إسرائيل وإيران

 

بقلم: ديفيد دريلنغر

حصلت إسرائيل على أدلة تشير الى تورط إيران في سلسلة التفجيرات التي نفذتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي داخل إسرائيل في عام 1996 من خلال التدريب والتمويل والتخطيط· فلماذا حدث هذا التورط الإيراني في ذلك الوقت بالذات؟ معظم المراقبين يعتقدون أن طهران كانت تخشى من فوز شيمون بيريز في الانتخابات التي كان يجري التخطيط لإجرائها في شهر يونيو من ذلك العام، على منافسه الليكودي بنيامين نتانياهو، وبالتالي إحراز تقدم كبير باتجاه السلام مع الفلسطينيين، وربما مع سورية· وكانت إيران تأمل أن يفوز نتانياهو في الانتخابات ويتبنى نهجا متشددا يؤدي الى موت عملية السلام· وفي الواقع، يعتقد معظم المحللين أن تلك التفجيرات والمخاوف التي أيقظتها في أذهان الجمهور الإسرائيلي أمالت الكفة لصالح نتانياهو في نهاية الأمر·

وتسلط تجربة عام 1996 الضوء على رغبة إيران في اللجوء الى الإرهاب لتحقيق أهداف سياستها الخارجية التي من أبرزها تعطيل عملية السلام في الشرق الأوسط·

ولهذا السبب تحديدا يشعر الإسرائيليون بالمخاوف من البرنامج النووي الإيراني· فكيف ستتصرف طهران لو امتلكت السلاح النووي؟ وربما يكون السؤال الأكثر أهمية هو كيف سترد إسرائيل على الاستفزازات الإرهابية المستقبلية المرتبطة بأسلحة إيران النووية؟

لقد ظلت إيران تسعى لبناء برنامج نووي منذ أكثر من 35 عاما ولكنها كثفت هذه المحاولات خلال العقد المنصرم زاعمة أنه لأغراض سلمية فقط، وهو ما تضمنه لها معاهدة حظر انتشار السلاح النووي·

وبالرغم من إشراف اللجنة الدولية للطاقة النووية على المنشآت الإيرانية، إلا أن الكثيرين يخشون من أن البرنامج السلمي ليس سوى غطاء للأنشطة النووية الهادفة لإنتاج السلاح النووي، ويتساءلون عن مدى حاجة إيران الغنية بالنفط، للبرامج النووية، ويعتقدون أن إيران سوف تنسحب من معاهدة حظر انتشار السلاح النووي حال تمكنها من الحصول على المواد الضرورية لإنتاج القنبلة النووية، كما فعلت كوريا الشمالية عام 2003·

 

توازن استراتيجي

 

ومما يزيد من الشكوك تجاه السلوك الإيراني ما كشف عن صلات لها بالعالم النووي الباكستاني عبدالقدير خان واكتشاف منشأتين نوويتين إيرانيتين عام 2002 لم تكن اللجنة الدولية للطاقة الذرية على علم بهما، فضلا عن تطوير إيران لصواريخ بعيدة المدى يمكن أن تحمل رؤوسا نووية، ومحاولاتها إنتاج اليورانيوم المخصب والتكتم على بعض أنشطتها النووية· وتنبأ الإسرائيلون أن تكون إيران قادرة على إنتاج القنبلة النووية مع نهاية العام الحالي، بينما يرى الأمريكيون أن ذلك لن يحدث قبل خمس سنوات·

ويعكس سعي إيران لإنتاج أسلحة غير تقليدية الاعتبارات الاستراتيجية والأيديولوجية· فهي ترى أن دخولها النادي النووي سيرفع من شأنها وهيبتها على الساحة الدولية، وفي الوقت ذاته يحقق التوازن الاستراتيجي مع كل من الهند وباكستان والصين، ناهيك عن إسرائيل والدول العربية ولاسيما العراق الذي يمكن أن يعود الى سابق قوته· ومن شأن السلاح النووي تمكين إيران من انتهاج سياسة خارجية عدوانية بمعارضة أقل من الولايات المتحدة وأوروبا كما يقول المتشددون في طهران· وقد تسعى بعد ذلك الى زيادة دعمها للمجموعات الإرهابية في المنطقة·

وهذا ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة للتركيز على الخطر النووي الإيراني وحرص الرئيس بوش على نقل الملف الإيراني الى مجلس الأمن وفرض عقوبات على طهران قبل أن يصل مشروعها النووي الى نقطة اللاعودة (وكان شارون قد نقل الرسالة ذاتها الى بوش عام 2003)·

وقد حرص شارون على التركيز على هذا الخطر في لقاءاته مع كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارتهما لإسرائيل مؤخرا، ونقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية مؤخرا عن مسؤولين رفيعي المستوى في الجيش الإسرائيلي أنهم يعتقدون أن البرنامج النووي الإيراني يمثل "خطرا على وجود دولة إسرائيل"·

تساور إسرائيل مخاوف كبيرة تجاه المشروع النووي الإيراني بسبب طبيعة الخطر الإرهابي الذي تواجهه والمتمثل بحركات مثل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله المدعومة من طهران والتي تشكل خطرا ليس فقط على إسرائيل بل على السلطة الفلسطينية أيضا·

ويقوم دعم إيران للحركات الأصولية على أسس براغماتية وأخرى أيديولوجية· فالإرهاب ومعارضة عملية السلام هما من القضايا المعلقة بين إيران والولايات المتحدة· إذ يمكن لطهران تعزيز موقفها في أية مفاوضات مع واشنطن من خلال تسخين الأجواء مع إسرائيل· فهي تستخدم معارضتها لعملية السلام - بشكل أو بآخر - ورقة تفاوضية مع الولايات المتحدة·

 

أجندة أصولية

 

ومن وجهة نظر استراتيجية، تستخدم إيران الإرهاب لتعزيز موقعها الإقليمي· فالإيرانيون يدركون أن نجاح عملية السلام من شأنه أين يضعف نفوذهم في منطقة شرق حوض البحر المتوسط·

فعلى سبيل المثال، إذا تم توقيع اتفاق سلام بين سورية (ولبنان) وإسرائيل، فمن المؤكد أن تطالب إسرائيل السوريين بإغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية في دمشق وكبح حزب الله· وهذا سيؤدي الى إضعاف قدرة إيران على فرض أجندة أصولية وتهديد عملية السلام، وزعزعة استقرار المنطقة·

والآن، تشير تقارير الاستخبارات الإسرائيلية أن حزب الله يحاول إسقاط الهدوء الهش القائم حاليا بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث تقوم بعض المجموعات الأصولية بتحدي سلطة محمود عباس· وفي الوقت الذي تستعد إسرائيل لانسحاب من غزة وأجزاء من الضفة الغربية هذا الصيف، فإن قدرة عباس على ضبط الأمن في المناطق التي سيتم إخلاؤها يشكل عنصرا حاسما لأمن إسرائيل·

وإن معارضة إيران لبرامج محمود عباس تضعف فرص أن تقود خطة الانفصال الى مفاوضات حقيقية لتطبيق خارطة الطريق كما ترغب بذلك واشنطن· إن غياب نتائج مثمرة لحظة الانفصال سيؤدي الى مزيد من التهديد لأمن إسرائيل·

إن نجاح إيران في إنتاج القنبلة النووية يعني - بالنسبة إلى إسرائيل - ضرورة تغيير شبه كامل في الاستراتيجية الدفاعية· ويعتقد الكثير من المحللين أن بوسع إسرائيل التعايش مع إيران النووية، لكنهم يتنبؤون أن يسعى البلدان الى تفادي أية مواجهة نووية كما حدث للولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي إبان الحرب الباردة وعرف آنذاك بالدرع النووي المتبادل· ولكن - كما حدث في المواجهة الأمريكية السوفييتية - فإن الخيارات العسكرية والسياسية لإسرائيل ستكون محدودة· فعلى سبيل المثال، ستكون يد إسرائيل أكثر تقييدا في الرد على استفزازات حزب الله لخشيتها من اندلاع المواجهة مع إيران·

 

السيناريو المرعب

 

وسوف تخف الضغوط الدولية المفروضة على إيران وسوف يفكر صناع القرار السياسي مرتين قبل الدخول في مواجهة مع طهران· وإذا امتلكت إيران أسلحة غير تقليدية بالفعل، فسوف تضطر الولايات المتحدة للاعتماد على الردع مع الاعتماد على العمل العسكري· ولكن ستكون الولايات المتحدة في موقف أضعف لدى اللجوء الى العمل الدبلوماسي·

وبالإضافة الى ذلك، فإن إنتاج إيران للسلاح النووي قد ينتج عنه سلسلة من ردود الفعل على الانتشار النووي في الشرق الأوسط، حيث ستسعى دول مثل المملكة العربية السعودية والعراق ومصر لتطوير برامجها النووية لمواجهة الخطر الإيراني لأمنها وهيبتها·

وفي السيناريو الأكثر رعبا، يمكن لإيران تزويد إحدى المجموعات الإرهابية بالأسلحة النووية· وعلى الرغم من استبعاد هذا الاحتمال كما يقول كينيث بولاك في كتابه بعنوان "الأحجية الفارسية"· ويرى بولاك أن النظام الإيراني متشدد أيديولوجيا لكنه براغماتي بما يكفي كي لا يقدم على الانتحار·

لقد توقفت إيران الآن عن عمليات تخصيب اليورانيوم ودخلت في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي (ممثلا بفرنسا وبريطانيا وألمانيا) والولايات المتحدة للتوصل الى حل للمشكلة النووية· ولكن الإيرانيين ليسوا سعداء للتقدم الذي تم إحرازه حتى الآن، في هذه المفاوضات وأعلنوا نيتهم استئناف العمل في برنامجهم النووي·

وهناك تصادم واضح في موقف كلا الطرفين· فإيران تقول إنها لن تتخلى أبدا عن برنامجها النووي والقوى الغربية تكرر موقها الرافض لأي شيء أقل من تخلي إيران تماما عن برنامجها النووي·

وربما كانت هناك مجموعة من السياسات البديلة التي يمكنها نزع فتيل الأزمة النووية مع إيران، تتراوح بين توجيه ضربات للمنشآت النووية الإيرانية الى عقد "مقايضة كبرى" الى تغيير النظام في طهران· ولكل خيار أخطاره ونواقصه· ولكن من مصلحة الاستقرار الإقليمي والسلام الإسرائيلي - الفلسطيني، يجب على المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، معالجة التهديد النووي وبسرعة·

 

" المصدر: المنتدى السياسي الإسرائيلي "

----------------------------------------------------

الموضوعات المترجمة تعبر عن آراء  كتابها

إشراف: صالح أحمد النفيسي

saleh@taleea.com 

طباعة  

الغرب يحتفي بالقذافي الآن رغم ضلوعه في مؤامرة لاغتيال الأمير عبدالله
أصدقاؤنا العرب يجرون الانتخابات ويفوزون بنسبة 99% فلماذا ننشر الديمقراطية؟!