رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 10 ربيع الآخر 1426هـ - 18 مايو 2005
العدد 1678

المشعوذة

وليد الهودلي:

كانت رحلة عظيمة·· كأنها جرت من عالم الأموات الى عالم الأحياء·· ورغم ما فيها من قسوة ومرارة فلقد كان لها حلاوة ما أزال أجدها في قلبي·· كلما تذكرت تلك الرحلة غبت في آفاقها الواسعة وآمادها البعيدة·· فأخرج مما أنا فيه بلا استئذان·· أغيب عن كل شيء مستذكرا آثارها الدائمة·· أقذف نفسي في أحضانها الجميلة·· أنطلق بمشاهدها الخلابة وأذوب في فتنتها بلا ضوابط·· مسافة هذه الرحلة لا تزيد عن خمسة كيلومترات ولا تسرق من الوقت سوى ربع ساعة·· وفي نفس الوقت أعترف أنها سرقت من وقتي ولا تزال تسرق عشرات بل مئات الساعات·· لبست في هذه الرحلة القصيرة/الطويلة لباس رجال الفضاء·· فسخاء الطبيعة وزخم المشاهد المتسارعة على بوابة قلبي تحتاج إلى الأكسجين الذي يكفي لتحميض هذه الصورة·· لذلك فإنهم وصلوني بجرّة أكسجين عاتية ضموها للوفد المرافق لي··

وبعد أن اجتاحتني الصورة المخيفة في مشعوذة السجن/ "العيادة" التي أمضيت فيها أربعة عشر يوما وأنا أتقلب بين مشاهدها المرعبة·· كنت حبيس غرفة مظلمة·· رطبة، مكتظة بالروائح  العفنة·· تشم منها رائحة الموت، تطبق على أنفاسي من كل جوانبها·· الهواء راكد، ساكن لا حياة فيه·· الباب مغلق والشباك مفقود·· فتحة صغيرة في الباب·· تفتح وتغلق كلما أرادوا أن يتفقدوا أرواح هذه الأجساد·· إن كانت لا تزال متعلقة أم صعدت إلى بارئها في السماء·· كانت قبرا يوضع فيه الأحياء·· حالة من الضياع·· رمادية اللون وتستطيع أن تقول لا لون لها·· ماذا سيجري لك في هذه الغرفة السحيقة·· فالداخل فيها مفقود والخارج منها مولود، هذا إن قدر له الخروج حظر تجول طويل فرضته "المشعوذة" على حركاتي وسكنات·· وذاك النطاس البارع استأصلني من السجن كما يستأصل الزائدة الدودية ثم ألقى بي في أدغال طِبه الأسود··· كنت في حالة صعبة داهمني ضيق النفس فأفرغ صدري من الهواء وجعلني كمن يغرق تحت الماء·· كان الطبيب لي بالمرصاد·· أحاطني بعنايته الفائقة فوضعني تحت الإشراف المباشر، بعيدا عن الشمس وبعيدا عن أعين الحساد·· تمنيت العودة إلى غرفتي في السجن·· وجدت أنه أرحم من هذه الحجرة اللعينة القابعة في طرف هذه "المشعوذة"·· وقعت على أوراق الخروج من "مدفن" العيادة على مسؤوليتي الخاصة فموتي عند إخوة النضال ورفاق الأسر أفضل ألف مرة من كل لحظة موت أعيشها حبيسا فيما يسمى بالعيادة عند هؤلاء المشعوذين المهرة··

لم يقدر لي العودة إلى السجن، فبعد خروجي من المدفن وأنا أناور الطبيب الذي بات كرئيس كهنة، داهمتني أمواج هوائية باردة·· نفث المكيف المعلق فوق رأسه هواءه الثقيل·· فملأ صدري الخاوي·· شعرت وكأن معركة حمي وطيسها بين الهواء المتعفن الذي احتل مواقع استراتيجية في أثناء وجودي في تلك الغرفة اللعينة، وبسبب الهواء الجديد الذي حاول السيطرة على الموقف وفرض نفسه بالقوة·· لم تحتمل أرض المعركة هذا الصراع، فلم أستطع الصمود وشعرت بالاختناق·· تكومت على بعضي وسقطت على الأرض كتلة لحم زرقاء تصرخ من شدة الألم·· أطلقت آخر صيحاتي قبل أن أفقد الوعي وكأني أعلن نهاية آخر مشهد من مسرحية حياتي·· لا أدري كم مضى من الوقت·· أتذكر أن صورا جاءتني تتراكض·· رأيت أمي، وأخواتي·· وكأني في حالة وداع نحو عالم مجهول·· ثم رأيت الأشباح من حولي·· فيما حفنة الكهنة يهيئون رجل الفضاء·· أنبوبة الأكسجين·· إبر وبرابيش·· شعرت عندهاوكأني على سطح القمر أفقد الأكسجين·· أتابع أنفاسي بسرعة وأبذل الكثير لأحصل على القليل·· حملوني إلى سيارة الإسعاف بعد أن قيدوا يدي ورجليّ·· هناك خوف من حالة انعدام الجاذبية على سطح القمر فأطير من بين أيديهم·· وكما قلت فقد زودوني بما يلزم لتحميض الصور·· إنها فرصتي العظيمة لأسترق النظر·· إنها المرة الأولى التي أخرج بها من السجن منذ ثماني سنوات·· تناسيت آلامي وتعاليت على جراحي·· رفعت عيني أنظر·· التقطت الصورة الأولى ورحت أصول وأجول في عالمها·· كانت الصورة الأولى: عملية ولادة قيصرية·· صورة خروجي من رحم الغول الذي سأعود إليه ثانية·· متى يكون الخروج الأخير؟·· الله كريم!! هنا سيقف الأهل بجانب سيارتهم لاستقبال ابنهم بعد خمس وعشرين سنة وقد يريد الله أمرا آخر·· هناك أمي تنتظر الساعات لزيارة فلذة كبدها·· أنا، لقد أشعلت حبستي الشيب في رأسها·· كم دمعة نزلت وهي تشكو ربها ظلم هؤلاء الأوغاد وهم يتفنون في وضع العراقيل·· وفرض شروط مذلة ترضخ لها أمي ويطأطىء لها أبي رأسه كي يحظيا برؤية ابنهم··

رفعت عيني·· نزعتها عن الصورة الأولى والتقطت الثانية:

شارع متحرك·· سيارات تسابق بعضها بعضا في سباق مجنون·· حياة متحركة على العكس تماما من حياة السجن الراكدة، رجال يقودون تلك السيارات يختلفون عنا·· لهم أشكال جديدة·· ذقون ناعمة وشعر أملس كشعر النساء في ألبسة مضحكة ثمة بقع صفراء وخضراء تتوزع على قمصانهم·· يضعون نظارات دقيقة كأنها خططت على العين بقلم رفيع·· هل هم في "فورة" حول الدوار؟! إنهم يدورون كما ندور في السجن·· لكن أحدهم يدور دورة واحدة ثم يمضي مسرعا في أحد الخطوط المتفرعة·· أما نحن فندور وندور كالبرغي الذي أفني سنه·· "البايص" رفعت عين وسحبت صورة ثالثة·· حدائق من الورد الأحمر والنبت الأخضر لا أدري ما هو اسمه·· إنه مدخل مدينة عسقلان·· زينوه بالورد·· لا بدّ وأن هذا الأحمر القاني قد سقوه من دمائنا·· أما ذاك الأخضر القاتم فإنهم أشبعوه من الهواء الذي صادوه من صدورنا·· كل شيء يتنفس·· ترفع الأشجار أعناقها عالية وتتنفس·· ينفثون عليها دخان سياراتهم ولا تأبه بهم·· تماما كما يفعلون بنا·· يضربوننا بقنابل الغاز·· ولا نتأثر، تبقى أنوفنا شامخة، نموت واقفين ولن نركع··

أعترف الآن أنهم، بعد تراكم وتكدس نتائج هجماتهم الغازية أو النازية على الأجساد في ذاك العالم الضيق بعد أن وقعت فريسة للضعف الجسدي رغم بقاء الروح شامخة محافظة على مكانتها السامقة··

قد تذبل بعض تلك النباتات الطيبة كالتي رأيتها على حافة مصب مداخن تلك الدواب التي تمشي على عجلات··

كانت بداية مرضي هذا إثر تعرضنا في سجن عسقلان إلى حملة قمع همجية سنة 1992·· هذا العام الذي انفجر فيه السجن غضبا وألما كانفجار قنبلة·· بعد أن ضغطوه بسياسات قمعية·· سياسات سحق واستهداف وإذلال·· عندئذ فتحوا "خراطيم" عبوات الغاز المسيل للدموع والمذهل للأعصاب·· أحدث ما وصلت إليه عقول الإجرام·· كانت فيها كثافة الدخان تفصلك عن كل شيء حولك فلا ترى أبعد من أنفك·· سجينا في سماء بيضاء من الدخان والغيوم·· كنا فقدنا أعصابنا وجثونا تحت "الأبراش" ساجدين·· سجد معنا شعار "نموت واقفين ولن نركع"·· دوخته كثافة الغاز التي لا ترحم·· كان هذا اليوم بداية الشيخوخة المبكرة التي غزت رئتي··

خطفت صورة رابعة·· ندت مني ابتسامة عندما رأيت سيارة وقد انطفأ محركها وتجمع عليها الناس "يدفشونها" علها تشتغل من جديد·· تذكرت أول سيارة اشتراها أبي·· غشّوه فكانت لا تشتغل إلا بالدفش و"التعشيق"·· حتى هذه السيارة انقطع نفسها·· تذكرت حالي بالأمس وحالي اليوم·· حال هذه السيارة الحديثة التي تنطلق بخفة ورشاقة وأين هذه السيارة التي ينتظر الناس سماع "جعيرها" بعد أن قطعت أنفاسها·· كان لي جسد يناطح السحاب بهمة وعنفوان تشهد لها ساحات التدريب·· كنت قد اكتنزت من القدرات ما يجعلني من أوائل الصفوف·· أستيقظ في الصباح الباكر وأبدأ يومي بنشاط جذاب·· أحث بنشاطي غيري من الشباب·· كنت بمثابة "الدينامو" الذي يمدّ الآخرين بالهمة والحيوية·· أقودهم إلى الساحة حيث تدريب الكاراتيه وألعاب القوى المتنوعة·· أما اليوم فها أنا كتلك السيارات·· "اللي بحب النبي يزق"··

كهل أنا الآن رغم أني مازلت في بداية شبابي·· روحي الشابة التي لا تزال بفضل الله أحتفظ بها لا تقدر على تحمل أكثر من تلك الأربعة والخمسين كيلو غراما، مما تبقى من لحم وعظم·· بداية تراجع جسدي كانت عندما شعرت بالتعب في الدقائق الأولى للساعة الرياضية الصباحية·· كنت أتحامل على نفسي وأجبرها على الاحتفاظ بالمكان المتقدم من الطابور·· تضعضعت أنفاسي·· تراجعت "مكره أخاك لا بطل"·· صفا وراء صف إلى أن بت محسوبا على طابور "الديتا"، طابور فرعي للركض لذوي القدرات المحدودة تحت قيادة أحد كبار السن·· لم أكن أعير الأمر أي اهتمام جدي·· بتواضع شديد ورغم قساوة الأمر تراجع نشاطي· الرياضي·· بررت لنفسي هذا التباطؤ·· رطوبة جدران السجن المستنقع الصناعي الذي أغرقنا فيه وكذلك التغذية السيئة التي نتلقاها باتت تترك أثرا في أجسادنا··

أفقت من صورة السيارة مقطوعة الأنفاس وخطفت أخرى·· دخلنا شارع المستشفى المطلوب·· يا للهول·· رأيت نهاية الشارع على مرمى البصر رأيت البحر·· من بعيد رأيت زرقته الصافية·· الأمواج التي تتكسر في حضن الشاطىء الدفيء·· تأتيه راقصة كطفل مدلل·· تحني عنقها وتستلقي في حناياه·· تخلف وراءها عناء سفرها الطويل وتنام نومة هانئة·· لا شك أنها تتنفس الصعداء·· تملأ رئتها لتعود إلى رحلتها من جديد·· أيستطيع هذا المستشفى أن يملأ رئتي من جديد؟!·

هواء البحر يملأ فناء الفضاء الرحب الفسيح·· ولكنهم على مسافة قصيرة يصادرونه·· يحشرون الناس في الغرف الضيقة·· وقفت السيارة على باب المستشفى·· حملوني عبر ممر محفوف بالشجر·· وأي شجر·· وجدت نفسي غارقا في الصور·· الأشجار الجميلة ألقت بضياء عيونها على هذا الجسد الصريع·· سمعت بفطرتها السليمة حشرجة صدري·· ربما ظلمتها فقاعات الهواء الفاسد الذي يخرج من فمي·· ربما أدركت ما أعاني منه فانهالت علي ببعض هوائها الطاهر·· ردت عليها تحيتها بابتسامة متواضعة·· رأيت فيها الحرية التي شعرت بأنها أصبحت بعيدة المنال··· أصبحت أشعر بأن الموت أقرب اليّ من حبل الوريد·· ما هذا الشجر الذي لم أره من قبل؟!·· شجر زمان ما قبل الحبسة·· زيتون، تين، لوز، كله شجر مبارك ولكن هذا يختلف·· شجر يناجي الروح ويعمل سحره بسرعة·· صفحات من الورق الأخضر المدبب·· تصطف الرزمة منها بشكل أفقي·· تجتمع المجموعة وكأنها حول مائدة·· وتنتصف هذه المائدة وردة حمراء تقف مغنية وسط هذا الحشد الأخضر·· تسمع وتشم رائحة هذا الفناء·· ما اسم هذا الشجر؟! من أين أتوا به؟! إن تخيل شجرة واحدة وسط ساحة السجن كفيل بمداواة جروحنا·· كانت نخلة تناجينا ونناجيها فقطعوها قطع الله أعناقهم··

سلط الناس كاميرات قلوبهم على هذا الجسد المكبل·· عفوا رائد الفضاء الذي يخشى عليه من انعدام الجاذبية وانطلاقه في الفضاء بلا حدود؟؟ ماذا تراهم يقولون؟! سجين عربي!! إذن مخرب، تحضره شرطة السجن للعلاج·· يقولون بما أننا دولة متحضرة·· لماذا يكبلونه بهذا الشكل القاسي؟! ويقولون: كل دول العالم تفعل هذا·· ضروريات أمنية·· شرطة غلاظ شداد·· قلوب لا ترحم·

شقوا بي الطريق عبر أروقة المستشفى·· كلما أدخل ساحة تتلقفني العيون تماما كما يحدث لبطل فيلم سينمائي·· أرمقهم بنظراتي الخابية·· وأشعر بالغبطة·· أصبحت محط أنظار الناس خاصة الأطفال·· الصغار جدا·· منذ فترة طويلة لم أر هذه الكائنات الصغيرة·· رأس صغير كحبة الرمان·· عيون قطط زرقاء وخضراء·· البراءة تضيء جنبات وجداني·· تمنيت لو أن صحتي معي·· عداؤنا مع آلة الإجرام الحاقدة التي تنهش أجسادنا وأعراضنا ليل نهار·· كبلوني بسرير الشفاء·· يعني لو كتب الله لي الشفاء فسيكون شفاء مكبلا·· دخلت معترك العلاجات والفحوصات ست ساعات متواصلة كانت روحي ترفرف فوق سريري، تتردد ما بين الموت والحياة· كانت نظراتي التي ألتقطها خلسة نظرات مودع· أمد الله في عمري·· عدت ثانية حتى إذا استيأسوا من تحسن حالتي شحنوني الى مستشفى الرملة· هذا القسم المميز بتفانيه في تحقيق أفضل شروط الإقامة في قبر جماعي، تعمر أسرته بأجساد أنهكها الأمر والقهر·· حالات مرضية منسية خلف القضبان·· تبوأت موقعي بين بقايا اللحم والعظم من خيرة أبناء شعبنا·· يودع أحدهم الآخر كل ليلة خوفا، يتبادلون نظرات الوداع الأخير·· في هذا المنفى تموت كل لحظة·· تموت من كثرة ما ينسونك·· من روتين الحياة، من الضغط النفسي وانعدام العلاج المناسب·· القهر والمرض يلتهمك ببطء·· قطرة وراء قطرة أشق على النفس من بذل التضحية دفعة واحدة·

والآن وبعد هذه التجربة المديدة على مدار خمس سنوات بعد رحلتي الأولى الى مستشفى عسقلان لم يتبق في صحبتي سوى ذكريات، جهاز تنفسي كهربائي يبث في صدري همومه الخفيفة أحيانا والثقيلة أحيانا أخرى·· جرة من الأكسجين أتخيلها أحيانا كبرميل بارود يوشك على الانفجار·· بخاخات تطلق شهيقها الطري في محاولات يائسة لمحو آثار سحب الغاز السام الذي استوطن هضاب صدري العالية، تماما كما هي حال مستوطنات أصحاب شعر السوالف الطويلة والقبعات السوداء·· زجاجات الدواء والأقراص التي أتجرع سمومها في الصباح والمساء·· هي حصيلة ما أهدتني إياه سنون المرض حتى الآن الى جانب العجز الرئوي وصعوبة التنقل من مكان لآخر مهما كانت المسافات قصيرة·

إن ما يميز شريط ذاكرتي بعد هذه الرحلة الطويلة في أسر المرض وأسر السجان، هو أني أستطيع أن ألمح بوضوح إرادتي القوية التي بقيت على حالها·· لم تنثن ولم تتكسر أمام هذه العواصف العاتية·· بقيت على حالي أسيرا صاحب رسالة مميزة من الكفاح تتطلب عمقا في التميز في الأداء والمواجهة، وعندما أضفت بعدا آخر وأصبحت أسيرا ومريضا في الوقت نفسه·· حملت رسالتي الكفاحية بعدا آخر، فزدت تميزا على تميزي·· شعرت بالتحدي في أعلى درجاته·· كان علي أن أبتعد بقوة عن صفوف الضعف أمام اختيار المواجهة، لأن في ذلك ميلا لصالح برنامج العدو النقيض·

عندما تشابكت مهمات عملي النضالي بمهمات ما أحتاجه من رعاية علاجية ضاعفت مستلزمات نهوضي وحضوري بواقع الأسر··· لم تطق نفسي التنازل عن أي شيء كنت ملتزما به قبل مرضي·· حتى الجامعة المفتوحة حافظت على التزامي بها رغم ما تحتاجه الى جهود مضنية·· لم أتنازل عن شيء سوى الرياضة التي لم يعد جسمي يتحملها على الإطلاق·· كنت أنظر من نافذة غرفتي على ساحة الرياضة كأسد قعدت به شيخوخته عن المشاركة في رحلة الصيد والسعي في مناكب الأرض·

حافظت على برنامجي الذي رسمته أول الحبسة·· وإذا كانت الإرادة لا تعرف أي حدود فعلى ما يبدو فإن الجسد الذي هو الامتداد المادي للروح وما تحمله من قيم يعرف معنى الحدود·· يتراجع أمام تدني إمكانات مواجهتك للبرنامج المادي والمعنوي المدمر الذي يريده لك عدوك·· قد تجد نفسك أمام تراكم هجماته الشرسة فريسة للضعف الجسدي ورهينة للتناقض الذي يضع قاتلك في ثوب الملاك الذي يسعى لشفائك وضمان أمنك الصحي·· هذا التناقض الذي ربما لن تلحظه إلا بعد تقدمك في الاعتقال حينما ترى الرسالة الإنسانية تدنس يوم ترى الممرض والطبيب يتمترس خلف مدفع غاز خانق يوجهه نحو صدرك·

من كتاب مدفن الأحياء

طباعة  

تحت تنظيم مؤسسة البابطين ورعاية رئيس مجلس الوزراء
ملتقى الشعراء العراقيين في الكويت.. وسؤال المحصلة!

 
الأنصاري.. كتاب "الكويت" الأول
 
وتد
 
المرصد الثقافي