
كتب عثمان إدريس:
لم يكن إعلان الوصول الى اتفاق سلام بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان إلا بداية جادة لظهور كيانات في الشمال تعلن انتماءها للحركة وانحيازها لبرنامج "السودان الجديد" بعد أن كانت تمارس نشاطها سرا·
ونجحت فصائل الجبهة الوطنية الإفريقية (تنظيم قديم لأبناء جنوبي السودان في الجامعات السودانية) بقيادة بيتر دنيق في كسب السبق بالإعلان عن وجودها ممثلة للحركة الشعبية في الشمال·
وقد جاء ذلك إلى جانب ظهور تنظيمين آخرين الأول بقيادة دنيق كوج والثاني "منبر السودان الجديد" الذي ضم عددا من الشماليين من شخصيات يسارية ومستقلين وكوادر من الجبهة الديمقراطية اليسارية في الجامعات وآخرين من اتحاد القوى الوطنية الديمقراطية وجماعات من تنظيمات دارفور وكردفان·
وبالمقابل لم تبخل قيادة الحركة الشعبية على هذه الفصائل - التي بدأ يدب بينها صراع خفي - بإفساح المجال لكل من يعمل باسمها ومخاطبته ودفعه للأمام دون تدخل مباشر انتظارا لمؤتمر الحركة العام المزمع قيامه خلال الستة أشهر الأولى من تنفيذ الاتفاق الموقع بينها وبين الحكومة في العاصمة الكينية نيروبي في التاسع من يناير الماضي·
وقد شهدت الأيام الماضية تميزا ونشاطا كبيرا لفصيل رمضان عبدالله وملوانق ماجوك كونت على إثره اتحادا لشباب السودان الجديد وآخر للنساء إلى جانب افتتاح مكتب في قلب العاصمة الخرطوم·
فيما أعلن من جانبه فصيل دنيق كوج أنه المنسق الرئيسي للحركة الشعبية وأنه باشر نشاطه في مختلف أحياء العاصمة والمدن الكبرى في الأقاليم المختلفة وكون اتحادا للشباب وآخر للمرأة في عمل مواز لما قامت به مجموعة رمضان عبدالله·
ويتمثل الصراع بين المجموعتين في عقد الندوات التي يخاطبها في كل الأحيان قادة الحركة عبر الهاتف من نيروبي أو رومبيك أو أسمرا أو حتى القاهرة لإكسابها الشرعية، مما أدى هذا الوضع الغريب الى تصديق ما أشيع عن انقسام قيادة الحركة حول هذه المجموعات، كما ترددت الأنباء أيضا عن تأييد كل من الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية والقائد أدوارد لينو فصيل رمضان عبدالله ودعمه معنويا على الأقل في مواجهة تأييد القيادي في الحركة "باقان أموم" لفصيل دنيق كوج·
يأتي ذلك بينما ابتعد "منبر السودان الجديد" الذي يمثله كل من تاج السر مكي وأبو القاسم سيف الدين وبيتر داو، عن حلبة الصراع واكتفى بالتبشير بأطروحات الحركة وما يسمى بالسودان الجديد والدعوة الى الوقوف معه·
ويرى مراقبون أن الوضع قابل للانفجار ليعبر عن انقسام حاد يزيد من توجس الشماليين الذين انضموا للحركة أو الذين يحاولون الانضمام إليها·
ويؤكد المراقبون أن مجموعة منبر السودان الجديد بما لديها من خبرة ربما نجحت في تخطي بعض العقبات المهمة في سبيل توحيد الفصائل المتنافرة، لكنهم في الوقت ذاته مشتتون وقلقون من مستقبل هذا الخلاف الذي قد تكون بعض أسبابه صراعات قبلية أو طموح بعض الشباب في تولي مواقع أو مناصب قيادية في السلطة المقبلة·
ويرى المراقبون أن قادة الحركة يراهنون على نجاحهم الباهر في التحول لحزب لكل أبناء السودان بينما تعد الخرطوم لابتلاعهم داخل أروقة السلطة، وينظر قادة أحزاب المعارضة الأخرى بإشفاق الى حليفهم من جهة ويتخوفون من تمدده في الشمال الذي سيكون خصما من رصيدهم الشعبي من جهة أخرى·