بقلم وليام سافاير:

الشخص الذي ينبغي تسليط الضوء عليه في ما يتعلق بالعلوم الطبية الأمريكية اليوم هو تاجر العقار الذي يتخذ من ولاية كاليفورنيا مقرا له روبرت كلين، فقد عين هذا الرجل، باعتباره القوة الدافعة وراء مبادرة استثمار مبلغ ثلاثة مليارات دولار في بحوث الخلايا الجذعية على مدى السنوات العشر المقبلة، من قبل حاكم ولاية كاليفورينا آرنولد شوارزنغر، رئيسا للجنة الشعبية المشرفة على "معهد التخليق الطبي" Institute For Regenerative Medicine التابع لولاية كاليفورنيا·

فهذا نمط من العمل الفيدرالي، مع تنافس الولايات على التقدم على الحكومة المركزية في صناعة السياسة القومية، فحين قررت الحكومة في واشنطن التحرك بحذر لتمويل هذا المشروع العلمي الواعد ولكن المثير للجدل، رأت الولايات الأمريكية هذه الفرصة التنافسية وبدأت تحركاتها·

فقد صوت مواطنو كاليفورنيا بأغلبية 3:2 على إنفاق 300 مليون دولار للسنة الواحدة على مدى عشر سنوات على مشروع إنتاج الخلايا الجذعية، وهي نسبة تأييد تزيد عشرة أضعاف عن مستوى التأييد لهذا المشروع على المستوى القومي، على أمل إيجاد علاج لعدد من الأمراض، وما لم يصبح المشروع عملا عديم الفائدة، فإن كاليفورنيا ستتحول الى مركز عالمي لهذا النوع من البحوث المتقدمة·

ويقول حاكم ولاية ويسكانسن، حيث أجريت أول البحوث لفصل وزرع الخلايا الجذعية، جيم دويل إن كاليفورنيا شكلت تحديا كبيرا لولايته، وسارع الى اقتراح إنفاق 750 مليون دولار لتعزيز صناعة التكنولوجيا الحيوية·

أرض الذهب

ويقول ريتشارد كودي القائم بأعمال ولاية نيوجيرسي التي كانت من أولى الولايات التي وافقت على إجراء بحوث الخلايا الجذعية، أنه سوف يستثمر مبلغ 9.5 مليون دولار في معهد البحوث الجديد في الولاية، وأنه سوف يحاول تعزيز هذا المشروع بالتعاون مع ولايتي بنسلفانيا وديلاوير·

وهذا من شأنه منح الولايات الشرقية سبيلا لمنع العلماء المحليين من الهجرة الى ولاية كاليفورنيا التي يصفها نائب الولاية بأنها "هجرة القرن الجديد نحو أرض الذهب"·

وليست الحكومة هي وحدها التي تتجه للاستثمار في هذا الميدان الجديد من البحوث وحسب، بل إن باحثي جامعة هارفارد ضاعفوا دعمهم لإنتاج الخلايا الجذعية من مخصصات الجامعة·

ويعني هذا النشاط على صعيد الخلايا الجذعية في مختلف الولايات الأمريكية أن الجدل بشأن استخدامات الخلايا من أجنة بشرية مجمدة والمرفوض من قبل عيادات الخصوبة، ازدادت بشكل كبير، والبحوث التي "لم تحظر" أبدا، لا تزال تجري علانية، فقد غادر القطار المحطة·

والمسألة الأخلاقية المتمثلة بتدمير حياة محتملة من أجل إنقاذ حياة حقيقية يمكن التعامل معها من قبل العلماء الذين هم في صراع مع علماء الأخلاق، فالخلايا الجذعية للكبار قد تصبح أكثر تكليفا مع عمليات التخليق، مما يعتقد البعض، وعلمنا خلال الأسابيع الأخيرة، بوجود تجارب لإنتاج خلايا قابلة للحياة من الأجنة التي لا أمل لها بالحياة، وهو النظير الأخلاقي لزرع الأعضاء·

إجماع قومي

وأبلغ الدكتور ليون كاس رئيس لجنة التقنيات الأخلاقية صحيفة واشنطن بوست أن هذا التقدم يرفع احتمالات قيام شراكة بين أنصار التقدم العلمي والمدافعين عن كرامة الحياة الإنسانية دون أن يتخلى أي منهما عن المعتقدات التي يعتبرها مهمة·

ونحن جميعا نأمل ذلك، لكن القضية العالقة هي الاستنساخ، ولا أقصد الاستنساخ الاستيلادي، فمعظم العلماء يعارضون هذا النوع من الاستنساخ لما ينطوي عليه من خطر ظهور كائنات ضخمة وهندسة الجينات التي قد تضع حدا للخصوصية الإنسانية، وهذا ما يجب فرض قانون يحظره·

أما الاستنساخ من أجل علاج بعض الأمراض، فهو يخيف بعض الناس الذين يحذرون من الانزلاق الى محاولة استنساخ الكائنات البشرية، وهناك أغلبية من الأمريكيين تعارض هذه المخاوف وترغب بالمضي قدما في هذا المشروع على أمل توفير العلاجات لبعض الأمراض المستعصية·

وأنا أقف في صف المتفائلين وآمل أن يفتح الرئيس جورج بوش عقله وينحاز الى جانب علماء الطب الذين يقفون الى جانب الحياة ويحاولون إنقاذ المرضى·

وإذا لم يفعل، فإن الولايات الأمريكية سوف تتبع كاليفورنيا، الولاية تلو الأخرى وتمضي قدما بخططها بشكل خاص وتدعمها المنافسة لتحديد الخطوط العريضة للقواعد الأخلاقية الخاصة ببحوث الخلايا الجذعية·

وهذا لن يكون كارثيا، فالأعراف الخاصة والقوانين المحلية التي تجري مناقشتها على شبكة الإنترنت وعلى مائدة الطعام في المطبخ، ستخلق في نهاية المطاف، إجماعا قوميا حول الأخلاقيات ذات الصلة بالجينات، كما فعلت بالنسبة إلى المواقف المتصلة بالإجهاض والرعاية الصحية والثقافة الجنسية·

ولكن هناك حاجة ملحة لبعض الفحوصات الطبية بالنسبة إلى المصابين بأمراض مستعصية، ولهذا السبب، يحسن الرئيس بوش وأعضاء الكونغرس صنعا إن هم أيدوا مشروع كاليفورنيا في مجال بحوث الخلايا الجذعية·

" عن إنترناشيونال هيرالدتريبيون "

saleh@taleea.com