رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 24 ذوالقعدة 1425هـ - 5 يناير 2005
العدد 1660

البيت الأبيض يحاول احتواءها بهدوء
فضيحة بمليارات الدولارات تهز البنتاغون وبوينغ

                                                                          

 

·        وقف التعيينات المدنية في البنتاغون لحين استكمال التحقيق في القضية

·       درويون: أبرمت عقودا بالمليارات مع بوينغ لضمان وظيفة لي ولابنتي وزوجها

·      روشيه سعى لتوظيف شقيق مسؤول في البيت الأبيض لضمان موافقته على صفقة أسلحة بـ 20 مليار دولار!

 

بقلم ليزلي واين:

بالنظر الى حالة التفوق التي تتمتع بها سواء في الجو أو في أروقة الكونغرس، ظلت القوات الجوية الأمريكية ومنذ زمن طويل، معشوقة لصناع القرار في واشنطن، ولكنها الآن، ضبطت متورطة في فضيحة صفقات أسلحة بمليارات الدولارات والتي حاول مسؤولو البنتاغون نفي وقوعها باعتبارها صنيعة موظف واحد طرد من الخدمة·

لقد أدت الفضيحة الى تلويث سمعة القوات الجوية وقادت الى تغييرات في قمة هرمها القيادي، فقد قدم جيمس روشيه وزير القوات الجوية والذي كان نجم البنتاغون الصاعد ذات يوم استقالته في ظروف غامضة وسوف يغادر موقعه في شهر يناير، وصرح عضو لجنة الخدمات المسلحة في الكونغرس الجمهوري جون وارنر أنه من الأفضل "لمصلحة" القوات الجوية أن يترك روشيه وكبير مساعديه منصبيهما·

وكان وارنر وعضو ديمقراطي بارز في اللجنة وعضو ثالث جمهوري هو جون ماكين قد كتبوا رسالة شديدة اللهجة الى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الشهر الماضي، وصفوا فيها قيادة القوات الجوية بأنها "تفتقر الى الكفاءة بشكل مريع" وتنبأوا بـ "نتائج كارثية" إذا لم يتم تصحيح حالة غياب الرقابة على ترسية عقود أنظمة التسلح التي تصل قيمتها الى مليارات الدولارات·

وقال كيث اشدون المحلل العسكري في مجموعة غير ربحية تتولى تحليل الإنفاق الحكومي وتدعى Taxpayers For Common Sense "أنها انرون القوات الجوية "في إشارة الى فضيحة شركة انرون العام الماضي"· فهناك أشخاص بعينهم يتصرفون بصورة سيئة على حساب الآلاف من الناس"·

 

علاقة دافئة!

 

وفي قلب هذه الفضيحة، هناك علاقة دافئة بشكل متزايد بين القوات الجوية وموردها الرئيسي، شركة بوينغ، وقد أصبح مدى دفء هذه العلاقة واضحا حين اعترفت دارلين درويون ثاني أكبر مسؤولة عن مشتريات الأسلحة في القوات الجوية أمام إحدى المحاكم الأمريكية هذا العام أنها وجهت مليارات الدولارات بصرة غير نزيهة الى بوينغ لأنها كانت تسعى الى وظيفة في الشركة لها ولابنتها وزوج ابنتها·

وتواجه درويون التي أشرفت ذات يوم على ميزانية توريدات الأسلحة في القوات المسلحة التي كانت تبلغ 30 مليار دولار، حكما بالسجن لمدة تسعة أشهر بعد طردها من وظيفتها لدى بوينغ التي كانت تتقاضى منها مبلغ 250 ألف دولار سنويا والتي تولتها بعد خروجها من القوات الجوية عام 2003·

وقد اعترف المدير المالي السابق في بوينغ مايكل سيرز، أمام المحكمة بأنه مذنب في القضية ذاتها·

وتدر العقود العسكرية على شركة بوينغ أكثر من نصف عوائدها السنوية البالغة 50 مليار دولار، وتهدد هذه الفضيحة بانقطاع هذه العوائد لأن ماكين وآخرين طالبوا بفرض عقوبات مالية على بوينغ وإلغاء عقودها العسكرية مع القوات الجوية·

وتخضع الآن، العشرات من العقود التي تولت درويون ترسيتها أو مراجعتها، الى الفحص، بما فيها 11 عقدا تصل قيمتها الى أكثر من 33 مليار دولار وتمت ترسيتها خلال الفترة من سبتمبر 97 حتى سبتمبر 2001، وكان القرار المالي في تلك الفترة لدرويون، وقد رست على بوينغ العطاءات الفائزة كليا أو جزئيا في خمسة عقود تبلغ قيمتها 16 مليار دولار·

وتعكف القوات الجوية على دراسة العشرات من العقود الأخرى التي شاركت درويون في اتخاذ القرار بشأنها، لكن لم تكن لها السلطة المطلقة في ذلك، وتطالب شركة لوكهيد مارتين بإعادة عقود بقيمة 6 مليارات دولار لها، بعد اعتراف درويون بأنها فضلت بوينغ عليها دون وجه حق·

ولم يقبل السيناتور ماكين بتفسير القوات الجوية بأن درويون تصرفت بمفردها، ويخطط لعقد جلسات استماع في مطلع العام المقبل حول أساليب الشراء في البنتاغون والباب الدوار بين البنتاغون وشركات المقاولات العسكرية·

وقال ماكين في خطاب له في أواخر نوفمبر الماضي في الكونغرس "لا يمكنني ببساطة تصديق فكرة أن شخص واحد يتصرف بمفرده، ويمكنه سرقة ما يمكن أن يصل الى ملايين الدولارات، ولابد أن تتحمل قيادة القوات الجوية المسؤولية كاملة"·

وتجري تحقيقات مستفيضة في ممارسات الشراء داخل البنتاغون والأشخاص المسؤولين عنها، ويشارك في هذه التحقيقات حول العلاقة بين بوينغ والقوات الجوية، كل من وزارة العدل ومكتب المساءلة الحكومي وجهاز التحقيق التابع للكونغرس ومكتب التحقيقات الفيدرالي وعدد من هيئات التحقيق التابعة للبنتاغون·

وبينما تتواصل هذه التحقيقات، وردت أسماء المزيد من مسؤولي بوينغ في وثائق التحقيق، وتواجه الشركة انتقادات شديدة في الكونغرس ومن قبل الشركات المنافسة لها وتم تجميد العشرات من كبار المسؤولين في القوات الجوية والبنتاغون·

وتقول المحللة العسكرية في معهد لكسنغتون لورين تومبسون إن "هناك إحساسا بخيبة الأمل في أوساط كبار المسؤولين في القوات الجوية ممن لم يتم إبلاغهم بالفضيحة، وهم يعتقدون أنه إذا لم تكن البيئة فاسدة، فإن الرقابة كانت غير كافية·

ولن تنتهي المتاعب بالنسبة لروشيه الذي كان مرشحا لتولي منصب وزير الجيش، بمغادرته منصبه في العشرين من يناير فهو يخضع أيضا للتحقيق من قبل وزارة العدل بتهمة الاتصال بالشركة التي كان يعمل فيها NORTHROPO-RUMMAN للمساعدة في تعيين شقيق أحد مسؤولي البيت الأبيض الذي كان روشيه يسعى للحصول على موافقة ذلك المسؤول لترسية عقد بقيمة 20 مليار دولار للقوات الجوية على شركة بوينغ تقوم الأخيرة بتزويد الوزارة بطائرات لتزويد الوقود في الجو·

 

رجل بوينغ

 

وقد نفى الناطق باسم روشيه وجود أية صلة بين جهوده للمساعدة في تعيين ذلك الشخص ورغبته في الحصول على تأييد البيت الأبيض لتمرير عقد "القوات الجوية - بوينغ"، ورفض روشيه التعقيب على هذه الأنباء·

وجاءت استقالة روشيه في السادس عشر من نوفمبر الماضي، قبل أيام من نشر ماكين سلسلة من رسائل البريد الالكتروني التي تظهر روشيه على أنه رجل بوينغ في القوات الجوية·

ومما ورد في تلك الرسائل طلبه من مسؤولين آخرين اختيار شركة بوينغ ووصفه معارضي لإحدى الصفقات مع الشركة بأنهم "حيوانات" و"أغبياء"·

والعامل الذي كشف عن الفضيحة جاء قبل عامين حين بدأ جون ماكين التفحص في تفاصيل اتفاق تقوم القوات الجوية بموجبه باستئجار طائرات بوينغ 767 التي تقوم بتزويد الطائرات بالوقود في الجو، وقد تم تعليق العقد الذي قد تصل قيمته الى 100 مليار دولار على مدى عقود مقبلة، من أجل مزيد من الدراسة ولعرضه للمناقصة مرة أخرى·

ومنذ ذلك الحين، ألقت المعلومات المستقاة من أروقة المحاكم والدعاوى المرفوعة ضد بوينغ من شركات منافسة، ظلالا جديدة من الشك على عدد من مسؤولي الشركة بمن فيهم الرئيس التنفيذي هاري ستونسيفر وجيمس الباو رئيس الأنظمة الدفاعية في الشركة إضافة الى مسؤولين آخرين رفيعي المستوى في بوينغ، وحين انكشف أمر الصراعات بين درويون وبوينغ في عام 2003، قدم الرئيس التنفيذي للشركة فيليب كونديت والذي ورد اسمه في هذه الوثائق، استقالته·

ويقول ريتشارد أبو لافية محلل الصناعات العسكرية في مجموعة تيل Teal Group الاستشارية في مجال الصناعة الجوية إن "هاتين المؤسستين في موقف دفاعي وسوف تظلان كذلك لبعض الوقت، وتواجه بوينغ مشكلة كبيرة ويتعين على وزارة القوات الجوية تغيير قيادتها وإدخال التعديلات على معاييرها"·

 

عائلة القوات الجوية

 

ويحدث كل ذلك في وقت لم تتعاف فيه القوات الجوية بعد من فضيحة تحرش جنسي في أكاديمية القوات الجوية، ويقول أحد أبرز مساعدي روشيه وهو مارفين صمبور أن "القوات الجوية تشعر بشيء من المهانة، فحين تغييب قيم مهمة مثل الاستقامة والخدمة وروح الامتياز وحين يسود الاعتقاد أن الجميع يمارسون التضليل، فإن ذلك سيؤثر على الروح المعنوية للموظفين، فكل شخص في هذا المكان يشعر أن طبقة من القاذورات وضعت علينا لدرجة أصبح من الصعب علينا أن نتنفس"·

ويدافع صمبور عن أفعاله قائلا إنه حاول الحد من نفوذ درويون حين تولى منصبه وأصبح نموذجا يحتذى لبقية الموظفين، ويضيف لقد تركت وظيفة كانت تدر علي ملايين الدولارات من أجل تولي هذا المنصب في القوات الجوية، حيث كان يعمل رئيسا لشركة "آي· تي· تي اند ستريز ITT IND USTRIES حتى عام 2001، ومضى يقول "ولست نادما على ذلك، وأشعر الآن أنني عضو في عائلة القوات الجوية، والآن فإن الناس يطالبون بالمساءلة وكان علي وعلى روشيه أن نتقدم بالاستقالة"·

وبالرغم من استقالة الرجلين إلا أن ماكين طالب بوقف كل التعيينات في المناصب المدنية في وزارة الدفاع الى أن تقدم الوزارة الوثائق التي طالب بها والمتعلقة بالتعاملات بين القوات الجوية وشركة بوينغ، ولكن مع زيادة عدد الوظائف التي يحظر شغلها الآن في البنتاغون، برزت انتقادات لهذا الإجراء من داخل البنتاغون، خصوصا من رئيس أركان القوات الجوية جون جامبر الذي انتقد ما يقوم به ماكين بأنه "يعيق" عمل القوات المسلحة في وقت تخوض فيه الحرب·

 

" عن انترناشيونال هيرالدتريبيون "

 

----------------------------------------------------

الموضوعات المترجمة تعبر عن آراء  كتابها

إشراف: صالح أحمد النفيسي

saleh@taleea.com

طباعة  

مشروع الخلايا الجذعية حاجة ملحة لمستقبل الطب
 
اضطلاع الجيش بالمهام الأمنية خطر على ديمقراطية العراق