أوراق رزنامة تتساقط (مثل كل مرة!)
نشمي مهنا
(1)
الذي ننسى تقويم ميلاده وحياته وحضوره - كل عام - هو تلك اللحظات الخاطفة المنقوعة بماء الفرح:
إطلالة على مدينة نائمة من شرفة عالية، أغنية أضاءت لنا العتمة، قطار عابر كذكرى، احتضان حكاية مقطعة بلثغة طفلة، ليل فتح بوابات كنوزه، لمسة يد كأنها موصولة بشريان القلب، نسيان نفسك في كتاب، موسيقى مطار تدخلك كنعومة رخامه دون أن تسألك: الى أين؟، بيت خشبي مدفون بين قصب مائل وخضرة ريف، ضحكة تتفجر بك كديناميت، رذاذ مطر كويتي، قطرات ندى وحيدة في "الصبّية"، القبض على برق وامض في قصيدة، مكالمة هاتفية مفاجئة، ليل لا يشبه الليل، مصادفة قدرية كانت تتحين بك الفرصة، صداقة جلست أمامك تشذِّب أظفارها، وجه في سوق مزدحم بالمارة، إفطار عائلي طافح بنعمة الدفء، احتماؤك بخيمة تسرِّب فوق رأسك زخات المطر، طعن خاصرة جواب مستقر - تربى في صدرك منذ طفولتكما - بسؤال جديد، "دش" دافئ بعد تخلصك من جثة أمل ما، وقفة أمام البحر، خلوة، موقد جمر، قاعة معتمة وفيلم يشد أنفاسك···
اللحظة التي ظننا أنها عادية، فاتنا أن نحسب عمرها، ونوقف الزمن عندها·
(2)
من قال إن يوما في سنة سيطابق يوما آخر في سنة ماضية؟!
ليس للأيام أخوات ولا بنات عمومة· الحدث ذاك انتهى في حينه، وكل احتفالاتنا بالمناسبات مزورة·
وذاك الذي أوهمنا بـ "الذكرى السنوية" لا يعرف العد الى أكثر من 365!
(3)
سأتلهى بالكتابة والمحو، بحفنة من حبات الجوز، بحركة ظلي تحت قامتي· أخط على رمل الصحراء أشكالا وصورا لملائكة رحيمين وحور حسان يخطفن الأرواح من صناديقها، والشهوات من مغاراتها·· الى أن تمر - ذات صباح ربيعي ماطر - قافلة محملة بالتوابل على طريق الشام·
(4)
في الأربعين نحسن المكابرة·· نتلفت كثيرا ولا ننتبه الى موطئ أقدامنا·
(5)
الطبيعة "تلعب" سياسة أيضا، فزلزال "سومطرة" فرّغ شحنات غضبه وترك الأرض تتلوى، قبل أن تدخل علينا 2005 بريئة أو كالبريئة من ذنبه·
(6)
الشجرة التي جلس تحتها نيوتن قبل 300 سنة واكتشف الجاذبية من تفاحتها، هي ذاتها "سدرة العشاق" التي تغنى بها "شادي الخليج" وأدندنها كل مرة للتغلب على مللي بانتظار إطلالتك!
لا تبتسمي على الفكرة - يا تفاحتي - وإلا من غير "العلميين" يفسر سر "جاذبيتك" وتساقطنا على بعضينا؟!
(7)
مواليد 1964·· أكملوا أنتم المشوار، سأتوقف هنا طويلا الى أن تيأس الشمس أو يمل الليل·
أو أن أيأس وأمل منهما ومني!
nashmi@taleea.com
