رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 24 ذوالقعدة 1425هـ - 5 يناير 2005
العدد 1660

زيد الحرب "منارة ثقافية كويتية"
د. حصة الرفاعي: إبداع شاعرنا في نظرته الثاقبة وقراءته للأحداث

                                             

 

 

كتب المحرر الثقافي:

الشاعر الشعبي زيد الحرب كان "منارة ثقافية" في الكويت، فجاء الاحتفاء به ضمن فعاليات مهرجان القرين الحادي عشر والمخصص لاستذكار دور الرواد ممن تركوا بصماتهم على الثقافة، بعرض أوراق عن سيرة حياته وشعره في حفل أقيم في رابطة الأدباء شارك فيه الشاعرة غنيمة زيد الحرب ود· حصة الرفاعي وبتعقيب من د· صباح السويفان·

وقالت د· حصة الرفاعي في دراستها المقدمة في هذه المناسبة: "على الرغم من أمية الشاعر زيد الحرب، فإن إبداعه الشعري يدل على ثقافة واسعة وذكاء حاد متوقد في تحليل المشكلات الاجتماعية والسياسية، وطرح الحلول العقلانية المناسبة، على ضوء الواقع المعيش· فالوحدة العربية مثلا مرهونة في شعره باتفاق الرأي العام العربي ونبذ الخلافات بين الحكام، والتفكير في مصلحة الوطن العربي وصونه من الاستغلال الأجنبي، وهذا لا يكون إلا بالحرب والجهاد وعدم التخاذل والتفاوض مع العدو، ويتمثل الشاعر بحوادث تاريخية وشواهد بطولية تدل على معرفة عميقة بالتاريخ العربي الإسلامي، ثقفها الشاعر مما سمع ووعى من روايات حفلت بها ذواكر الرواة، وضمتها بطون الكتب والمدونات· وعلى الرغم من أن وسائل الاتصال آنذاك كانت مقصورة على المذياع وبعض المطبوعات المستوردة، فإن الاهتمام بالثقافة والحرص على متابعة مجريات الأمور كانا سمة غالبة في زمن عزت فيه روافد المعرفة"·

و"معلوم أن الشاعر زيد الحرب كان، كما أغلب الكويتيين، بحارا يصطاد اللؤلؤ ويجوب البلدان المختلفة للاتجار فيه وفي غيره من البضائع، وكانت أسفاره نافذة مشرعة على ثقافات الشعوب الأخرى إضافة الى حرص ربابنة سفن السفر التجارية على اصطحاب رواة القصص والسير المعروفين باسم "المسولفجية" (الحكواتية)· وكانت الغاية من ذلك تنظيم نوبات الحراسة على ظهر السفينة، فالراوي يساعد البحارة على البقاء مستيقظين، يتابعون بشغف ما يردده من حكايات تاريخية ودينية، وسير بطولات مستقاة من التراث العربي، وهذا في حد ذاته مصدر مهم من مصادر الثقافة في مجتمع البحارة، علاوة على ترديد الحكم والأمثال وسرد التجارب الشخصية والمغامرات والأهوال التي يتعرض لها البحار وهو يمخر عباب المحيطات، ويصارع الأمواج العاتية على ظهر سفينته الشراعية الصغيرة، هذه العوامل جميعها ساعدت، الى حد كبير، على اتساع مدارك الشاعر وإثراء حصيلته من المعارف التي أفادته في صياغة أشعاره العميقة، ولا نغفل ذكاءه الشديد ورهافة حسه وإخلاصه اللامحدود لوطنه وعروبته، مما حدا به الى توظيف كل إمكاناته الثقافية وطاقاته الشعرية لهذا الغرض النبيل"·

"كان نابض القلب بحب وطنه معتزا بهويته القومية، نذر حياته للدفاع عنها بكل ما يملك من أسلحة الشعر، لا بد أن يهوي مبكرا من على صهوة إبداعه كما يهوي البطل في المعركة، ليس مهزوما فيها بل مخذول من قدر أقوى منه ومنا جميعا"·

عن شعره قالت الرفاعي: "زيد الحرب شاعر شعبي بكل المقاييس المتعارف عليها عالميا، ولا نعني بذلك نظم الشاعر قصائده الرائعة باللهجة المحلية، فالعامية ليست معيارا كافيا للحكم على شعبية النص، لأن للأدب الشعبي عموما والشعر الشعبي تحديدا خصائص تميزه عن سواه من أنماط الإبداع الإنساني، وتقوم هذه الخصائص على أساس قبول الناس للإبداع وتداوله، إذا ما وجدوا فيه تعبيرا صادقا عن نبض حياتهم ورؤاهم المستقبلية في عيش أفضل، ولا تقل الوظيفة الاجتماعية أهمية عن عامل القبول الجمعي، فالشاعر الشعبي لا يختلف عن غيره من الشعراء في تصديه لكل ما يعترض مجتمعه من محن وأزمات، بل إن شعره القريب من لغة الخطاب اليومي، أمده بقدر أكبر من المفردات يصوغ بها هموم مواطنيه، ويكشف عن أملهم في مستقبل أفضل ولا ينال من شعبية النص الشعري كون الشاعر معروف الهوية طالما تخطت منظوماته دائرة الفردية الضيقة الى موقع أرحب وأكثر شمولية، يؤهله لتبني قضايا شعبه المصيرية، وكلما نجح في مهمته ازداد احتفاء الناس به، وأقبلوا على التغني بإبداعه الذي يكتسب بمرور الزمن هوية قومية مميزة"·

وأضافت: "هكذا كان زيد الحرب، سواء فيما عالج من أمور حميمة متجذرة في نسيج وطنه وأمته، أو في أسلوب صوغ شعره وفق الأشكال الفنية الخاصة بالشعر الشعبي، علاوة على امتلاكه طبيعة شفافة أعانته على قراءة الأحداث واستكناه دلالاتها بفطنة ثاقبة لم تتوافر لشاعر آخر، هذه القدرات الهائلة المقترنة بطاقات إبداعية ثرية، كفلت للشاعر التفوق على منافسيه، أما الأغراض التي تناولها زيد الحرب، فلا تخرج عن نطاق الأغراض المتداولة في الشعر العربي سواء الفصيح أو العامي"·

كما قالت عن أغراضه الشعرية "إن بعض قصائد زيد الحرب يتداخل فيها أكثر من غرض، حيث يمتزج المدح بالشكوى وربما يختلط ذلك مع النصح والإرشاد أو العتاب، والواضح أن الشاعر يتخذ من بعض الأغراض مدخلا الى قضية مهمة يطرحها سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية، وهذا ملمح بارز في قصائد زيد الحرب سوف نكشف عنه في معرض حديثنا عن خصائص شعره"·

طباعة  

وتد
 
زيد الحرب.. المفتون في حب الوطن*
 
تصدرها "مؤسسة الفكر العربي"
"حوار العرب".. مصارحة الفكر الساكن بالصدمة!

 
إصدار