رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 23 رجب 1425 هـ _ 8 سبتمبر 2004
العدد 1644

أمريكا ستجبر على الانسحاب من العراق إن عاجلا أم آجلا
حرب بوش على الإرهاب غذت النزعات القومية المتطرفة في العالم

                                            

 

·         فكرة بعث العصر الذهبي للإسلام تجد صداها في المجتمعات الضعيفة

 

بقلم وليام بفاف:

يواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضعا خطيرا لأنه رفض الاعتراف بالطبيعة الحقيقية للتحدي الذي تتعرض له حكومته في الشيشان، فأزمة الرهائن الرهيبة في أوستيا الشمالية وحوادث التفجير الأخيرة، ما هي إلا نتيجة لعدم رغبة بوتين في الاعتراف بانعكاسات تحدي المشاعر القومية - وليس فقط "الإرهاب" - في القوقاز·

يبدو أن بوتين يرتكب الخطأ ذاته الذي ارتكبه الرئيس جورج بوش وإدارته عقب الحادي عشر من سبتمبر 2001، فقد أصر الأمريكيون، مثل بوتين، على أنهم يتعاملون مع إرهابيين أو مجرمين·

إنهم في الواقع يتعاملون مع إرهاب وجريمة في خدمة أهداف قومية ودينية، وهو أمر مختلف تماما، ففي الظروف السياسية لعالم اليوم، أصبحت المشاعر القومية والتطرف الديني يتنافسان في الشيشان والعراق وأفغانستان·

لقد كانت القومية القوة الدافعة في القوقاز منذ القرن الثامن عشر، فقد قاتل الشيشان النزعة التوسعية الامبريالية للقياصرة منذ عام 1818، وبعد ثورة 1917 قاتلوا ضد البلاشفة، وانتفضوا ثانية حين وصلت القوات النازية الى الشيشان عام 1942، فانتقم منهم ستالين بنفي الكثيرين منهم الى آسيا الوسطى·

وحين انهار الاتحاد السوفييتي عام 1991، عاود الشيشان المطالبة بالاستقلال، فبعث الرئىس "السابق" بوريس يلتسين القوات الروسية لقتال الشيشان·

 

العصر الذهبي

 

لقد كان بوتين غبيا بما يكفي للاعتقاد بأن بوسعه سحق الشيشان، فقد استأنف الحرب ضدهم كي يكسب الأصوات في الانتخابات الرئاسية، وقد حاز على مباركة بوش عام 2001: أليس الشيشان إرهابيين؟ أليسوا أعداء الولايات المتحدة؟ ولكن الإرهاب الشيشاني يضعف بوتين الآن، لقد وعد - مثل بوش - بـ "كسب" الحرب ضد الإرهابيين، ولكنه لم يكسب هذه الحرب·

لقد قدمت إدارة بوش، بغزوها للعراق، المسألة الوطنية العراقية هدية للأصوليين الإسلاميين، فقضية الأصوليين ضعيفة دون المشاعر القومية، والهدف من الجهاد الذي تشنه هذه الحركات هو بعث المجتمع الإسلامي الذي يعود الى العصور الوسطى، واستعادة العصر الذهبي هي فكرة تجد صداها في المجتمعات الضعيفة التي تعاني من أزمات التنمية·

فهناك شريحة في هذه المجتمعات ذات ثقافة غربية ولاسيما من الشباب، وتواجه ظروفا صعبة وتقوم بردود فعل "بيوريتانية" على هيمنة القيم المادية والفوضى الأخلاقية وسوء استخدام السلطة السائدة في الغرب حسب رأيهم·

هذه ظاهرة عامة، فالإرهابيون "الماويون" في أوروبا الغربية في السبعينات وأوائل الثمانينات ضموا بين صفوفهم بنات وأبناء رجال دين وطلبة لاهوت كان دافعهم الغضب والاستياء من القيم الرأسمالية·

فالشباب المسلم الذي تم حشده لمقاتلة العدوان الروسي في أفغانستان تحول الى محاربة الفساد والهرطقة في أماكن أخرى مثل مصر والجزائر والبوسنة، ولكن الناس في هذه الدول لم يتبعوهم·

وكما كان عليه الوضع بالنسبة إلى "ماويي" أوروبا، كان الشباب المتطرف يعتقد أن الناس العاديين كانوا مستعدين للثورة، ولكنهم أخطؤوا التقدير·

وحين لا يجد هؤلاء الشباب المتشددون تأييدا من الناس العاديين، فإنهم - سواء كانوا في أوروبا أم في العالم الإسلامي - سيلجؤون الى الإرهاب  أي القيام بأعمال "رهيبة" بهدف إيقاظ المسلمين على الحقيقة وترويع الأعداء، وهذا يوصلنا الى تنظيم القاعدة·

 

قوتان متوازيتان

 

لقد ظلت الأصولية والقومية قوتين متوازيتين في القوقاز والشرق الأوسط حتى قبل ظهور موجة الأصولية الجديدة المقبلة من أفغانستان، فالقومية مع الإرهاب كجزء منها هي التي أطلقت حرب الصهاينة ضد البريطانيين والفلسطينيين قبل قيام دولة إسرائيل، وكان الإرهاب الفلسطيني جزءاً من الحرب ضد إسرائيل منذ ذلك الحين·

وبصرف النظر عما كانت تعتقد واشنطن أنها تفعله - ويبدو أن هناك القليل من التفكير المسؤول إزاء ما كانت تفعله - فقد ارتكبت خطأ أساسيا بإعلان "الحرب على الإرهاب" بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ومن ثم مهاجمة نظام طالبان في أفغانستان وغزو العراق·

لقد خلقت هذه الإدارة بذلك، الظروف التي جعلت القومية و"الإرهاب" يشنان الحرب على الولايات المتحدة، فالدافع الأساسي للمتمردين في العراق هو المشاعر الوطنية، إذن، فسوف تجبر الولايات المتحدة على الانسحاب من العراق إن عاجلا أو آجلا·

لقد كانت الروح الوطنية أو القومية هي القوة الأهم في العصر الحديث، وقاومت وتغلبت على كل الأنظمة الشمولية، فمن السهل للنزعات الوطنية أن تندمج مع الأصولية الدينية التي تعتبر سبيلا آخر للتعبير عن الهوية، وهي تلجأ للإرهاب لأنه سلاح الضعيف، ولكن النزعة الوطنية هي الأساس، ففي النهاية، ما القوة المحركة للسياسة الأمريكية منذ الحادي عشر من سبتمبر، إن لم تكن النزعة القومية؟

 

" عن إنترناشيونال هيرالدتريبيون "

 

----------------------------------------------------

الموضوعات المترجمة تعبر عن آراء  كتابها

إشراف: صالح أحمد النفيسي

saleh@taleea.com 

طباعة  

البعض في واشنطن يرى في عدم استقرار الشرق الأوسط مصلحة أمريكية
عدم استقرار العراق يشكل خطرا على أمن الكويت

 
الليكود يكرر تجربته مع نتانياهو عـام 1998
سقوط خطة شارون يعيد "العمل" الى السلطـة