رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 7 ربيع الآخر 1425هـ - 26 مايو 2004
العدد 1629

وجهتها الأمين العام لمنظمة العفو الدولية
رسالة مفتوحة إلى الرئيس بوش حول مسألة التعذيب والمعاملة القاسية

                                                     

 

George W. Bush

The President

The White House

Office of the President

1600 Pennsylvania Avenue

Washington DC 20500

USA

7  مايو 2004

فخامة الرئيس

تحية طيبة وبعد،

العالم يراقب رد إدارتكم على الأدلة التي ظهرت مؤخراً حول تعرض العراقيين للتعذيب والمعاملة المهينة على أيدي موظفين رسميين أمريكيين، وبينما ترحب منظمة العفو الدولية بالبيانات الرسمية التي تشير إلى أن المزاعم تؤخذ على محمل الجد، فإن البرهان النهائي على هذه الإرادة يكمن في الأفعال وليس الأقوال، وفي هذا الصدد، فإن سجل حكومتكم في سياق الاعتقالات المرتبطة "بالحرب على الإرهاب" يدعو للقلق، بسبب استمرار انتهاك المبادئ الأساسية للقانون وحقوق الإنسان ، رغم الالتزام المعلن للإدارة بهذه المبادئ·

وتعيد منظمة العفو الدولية إلى الذاكرة البيان الذي أصدرتموه في 26 يونيو2003، بمناسبة اليوم العالمي للأمم المتحدة لدعم ضحايا التعذيب، والذي قلتم فيه إن "الولايات المتحدة ملتزمة باجتثاث التعذيب في العالم، وإننا نقود هذا النضال لنشكل قدوة لغيرنا"· وتحثكم المنظمة الآن على ضمان تقيد الولايات المتحدة الأمريكية تقيداً تاماً بالواجبات الدولية المترتبة عليها، بما في ذلك وصفها دولة طرفاً في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والتحقيق في جميع مزاعم التعذيب وسوء المعاملة، ونشر جميع النتائج، ومقاضاة جميع الجناة، و وتقديم التعويض لجميع الضحايا، ومنع أي ممارسة مستقبلية للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وإننا ندعو الولايات المتحدة الأمريكية إلى فتح أبواب مراكز الاعتقال التابعة لها في العراق وأفغانستان وغوانتانامو، ومواقع غير معلنة موجودة في أماكن أخرى، أمام الهيئات المستقلة، بما فيها الزيارات التي يقوم بها المقررون الخاصون للأمم المتحدة·

وفي يوليو2003، بعثت المنظمة إلى حكومتكم بمذكرة حول بواعث القلق المتعلقة بالقانون والنظام في العراق، وتضمنت المذكرة مزاعم حول ممارسة التعذيب وسوء المعاملة ضد المعتقلين العراقيين على أيدي القوات الأمريكية وقوات التحالف، واشتملت المزاعم على: الضرب والصعق بالصدمات الكهربائية والحرمان من النوم وتغطية الوجه والرأس وإرغام المعتقل على الوقوف والركوع المطولين· ولم نتلق قط رداً أو أية إشارة من الإدارة أو من سلطة الائتلاف الموقتة إلى أنه تم إجراء تحقيق· وبالمثل، لم نتلق قط أي رد على المذكرة التي بعثنا بها إلى حكومة الولايات المتحدة حول حقوق الأشخاص المحتجزين لدى الولايات المتحدة في أفغانستان وغوانتانامو والتي بعثنا بها إليكم في إبريل 2002، والتي أثارت أيضاً بواعث قلق حول قضايا ومزاعم ممارسة التعذيب وسوء المعاملة، وتبين من التحقيق العسكري الذي أُجري في العراق برئاسة اللواء أنطونيو تاغوبا "ارتكاب انتهاكات منهجية وغير قانونية ضد المعتقلين" في سجن أبو غريب (سجن الاعتقال المركزي في بغداد) بين أغسطس 2003 وفبراير 2004، وخلص إلى أن الجنود "ارتكبوا أفعالاً شنيعة وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي في أبو غريب "سجن الاعتقال المركزي في بغداد ومعسكر بوكا في العراق"· ويساور منظمة العفو الدولية القلق من أن تقرير تاغوبا لم يكن مخصصاً للنشر العلني، ولم يصدر الرد الحالي للإدارة إلا بعد أن أصبح التقرير والأدلة المتمثلة بالصور في متناول الرأي العام·

وفي المؤتمر الصحافي القصير الذي عُقد في وزارة الدفاع في 4 مايو2004، قال وزير الدفاع رامسفيلد أنه "صُعق" بالمزاعم· غير أنه في أحد التصريحات المتعددة التي أدلى بها كما يبدو للتقليل من خطورة المزاعم، أضاف أن "انطباعه هو أن التهم الموجهة حتى الآن هي الإساءة التي اعتقد أنها تختلف شكلياً عن التعذيب"· وتشدد منظمة العفو الدولية على أن "الحوادث العديدة التي تنطوي على إساءة إجرامية سادية وصارخة ومتعمدة" والتي اكتُشفت في التحقيق الذي أجراه تاغوبا تشكل أفعال تعذيب أو معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة تنتهك القانون الدولي· وتشير اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 147، من الاتفاقية الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، جنيف 12 أغسطس1949) إلى "التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية" من دون التمييز بين المصطلحين على صعيد الخطورة، باعتبارهما من ضمن "الانتهاكات الجسيمة"· وهذه جرائم حرب وهي الجرائم الأكثر خطورة التي ينبغي على كل طرف متعاقد سامٍ في الاتفاقيات أن يمنع حدوثها ويقمعها، بما في ذلك من مقاضاة الجناة· وتشمل الحوادث التي دونت في تقرير تاغوبا :

لَكْم المعتقلين وصفعهم وركلهم؛ والقفز على أقدامهم الحافية؛ وتصوير المعتقلين الذكور والإناث على أشرطة فيديو والتقاط صور لهم وهم عراة؛ وإجبار المعتقلين على اتخاذ مختلف الأوضاع الجنسية الصريحة لالتقاط الصور لهم· وإجبارهم كذلك على نزع ملابسهم وإبقائهم عراة طوال عدة أيام في كل مرة؛ وإجبار المعتقلين الذكور العراة على ارتداء الملابس الداخلية النسائية؛ وإجبار جماعات من المعتقلين الذكور على ممارسة العادة السرية بينما تُلتقط صور لهم ويُصورون على أشرطة فيديو؛ وتكويم المعتقلين الذكور العراة بعضهم فوق بعض ثم القفز فوقهم؛ وضع معتقل ذكر عارٍ على صندوق وجبات الطعام الجاهزة، مع وضع كيس رمل على رأسه، وربط أصابع يديه وقدميه وقضيبه بأسلاك لمحاكاة التعذيب الكهربائي؛ وكتابة عبارة "أنا مرتكب اغتصاب" (كذا) على ساق معتقل زُعم أنه اغتصب زميل له معتقل عمره 15 عاماً، ثم التقاط صور عارية له؛ وضع سلسلة أو طوق يستخدم للكلاب حول عنق المعتقل العاري والتقاط صورة له مع جندية، وممارسة حارس ذكر تابع للشرطة العسكرية الجنس مع إحدى المعتقلات؛ واستخدام كلاب عمل عسكرية (من دون كمامات) لتخويف المعتقلين وإرعابهم، وفي حالة واحدة على الأقل إقدام الكلاب على عض المعتقل وإصابته بجروح بليغة·

كما وجد اللواء تاغوبا أدلة "موثوق بها" على ارتكاب الانتهاكات التالية:

كسر الأضواء الكيماوية وصب السائل الفوسفوري على المعتقل؛ وتهديد المعتقلين بمسدس محشو من عيار 9 ملم؛ وصب الماء البارد على المعتقل العاري؛ وضرب المعتقلين بعصا المكنسة وبكرسي؛ وتهديد المعتقلين الذكور بالاغتصاب؛ والسماح لحارس تابع للشرطة العسكرية بدرز جرح أحد المعتقلين الذي أُصيب بعد دفعه إلى جدار زنزانته وارتطامه به؛ وممارسة اللواط مع معتقل بواسطة ضوء كيماوي وربما بعصا مكنسة·

وشدد تقرير تاغوبا على أن النتائج مؤيدة بشكل "واف" باعترافات المتهمين بارتكاب هذه الجرائم وأقوال المعتقلين والشهود، فضلاً عن "أدلة فوتوغرافية صارخة"·

وتبين في التقرير أن هناك تقاعساً في وضع تدريبات وإجراءات وإشراف واضح بشأن استجواب المعتقلين ومعاملتهم، وأنه "لم يتم تقديم إلا قدر قليل جداً من التعليمات أو التدريب" لأفراد الشرطة العسكرية حول القواعد المنطبقة من اتفاقيات جنيف·

وفي المؤتمر الصحفي الذي عُقد في البنتاغون في 4 مايو للرد على المزاعم، أصر وزير الدفاع رامسفيلد على "حقيقة أن هذا استثناء" وأضاف أنه "قد تكون هناك أشياء يمكن فعلها ويمكن أن تساعد العالم على أن يفهم بأن هذا وضع استثنائي؛ وليس نمطاً ولا ممارسة"· ورغم أنه أقر أن هناك "مزاعم حول حدوث انتهاكات في مواقع أخرى مختلفة" إلا أنه أضاف بأنه في أي وقت بعينه هناك دائماً مزاعم وتهم بارتكاب انتهاكات في مرافق الاعتقال، وأن هناك "نمطاً" وممارسة لدى الإرهابيين للزعم بحدوث انتهاكات·

 

نمط من الانتهاكات

 

خلال السنتين الماضيتين، قدمت المنظمة وغيرها مزاعم متسقة على ممارسة الوحشية والقسوة من جانب الموظفين الأمريكيين ضد المعتقلين، بما في ذلك في العراق وأفغانستان، إلى حكومة الولايات المتحدة على أعلى المستويات، بما فيها البيت الأبيض ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية·

وتحدث الكثير من الأشخاص الذين احتُجزوا في القاعدتين الجويتين الأمريكيتين في بغرام وقندهار بأفغانستان عن التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي يقولون إنهم تعرضوا لها في حجز الولايات المتحدة في أفغانستان·فعلى سبيل المثال، استعاد المعتقل السابق في غوانتانامو وزير محمد أمام منظمة العفو الدولية في فبراير 2004 ذكريات اعتقاله في حجز الولايات المتحدة في أفغانستان العام 2002· وتحدث عن الاستخدام المفرط والقاسي للأغلال والأصفاد والحرمان من النوم وإرغامه على الزحف على ركبتيه من زنزانته إلى غرفة الاستجواب، وهي عملية تستغرق 10 دقائق· وتُردد شهادته صدى أقوال الكثير من المعتقلين السابقين الآخرين·

وشأنه شأن المئات، إن لم يكن الآلاف من المعتقلين الآخرين، احتُجز وزير محمد طوال الوقت الذي أمضاه في بغرام وقندهار بمعزل عن العالم الخارجي، ولم يمنح فرصة للطعن في قانونية اعتقاله، ولم يمثله محام ولم يلتق بعائلته، ولم يمثل أمام أية محكمة، بما في ذلك "المحكمة المختصة" التي تصورتها اتفاقيات جنيف لتحديد وضع السجين في وقت الحرب· كذلك لم يلتقِ قط بمندوب عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر· وخلال أكثر من عام أمضاه في غوانتانامو يقول إنه التقى بمندوب للجنة الدولية للصليب الأحمر مرة واحدة في اليوم الأول·

وفي الشهر الماضي تحدثت المنظمة  في اليمن إلى سجين سابق آخر في غوانتانامو· وتذكَّر السجين الفترة التي أمضاها في معتقل سري بكابول، استجوبه فيه موظفون أمريكيون· وقال إن السجناء كانوا يطلقون على الليلة الأولى من الاستجواب عبارة مستحدثة هي "الليلة السوداء"· وقال لمنظمة العفو الدولية : "إنهم قطَّعوا ملابسنا بالمقص وتركونا عراة والتقطوا صوراً لنا، قبل أن يعطونا ملابس أفغانية لنرتديها· ثم كبلوا أيدينا بالأصفاد وراء ظهورنا وعصبوا أعيننا وبدؤوا باستجوابنا ··· وهددوني بالقتل، واتهموني بالانتساب إلى القاعدة· ووضعونا في زنزانة تحت الأرض مقاسها مترين بثلاثة أمتار تقريباً· وكان هناك عشرة أشخاص في الزنزانة· وأمضينا ثلاثة أشهر في الزنزانة ··· وخلال فترة الأشهر الثلاثة التي قضيناها في الزنزانة، لم يُسمح لنا بالخروج إلى الهواء الطلق"· وزعم أن المعتقلين تعرضوا للحرمان من النوم، بما في ذلك عبر استخدام الموسيقى الصاخبة·

والاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي يُسهِّل ممارسة التعذيب وسوء المعاملة، وفي التقرير الذي رفعه المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب إلى لجنة حقوق الإنسان في العام 2004 "يكرر التوصية التي قدمها سلفاه ويحث جميع الدول على الإعلان بأن الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي غير قانوني"· وأضاف المقرر الخاص بأن "الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي يتفاقم عندما يُحتجز الأفراد في أماكن اعتقال سرية" وأن "إقدام أي موظف رسمي على احتجاز شخص في مكان اعتقال سري و/أو غير رسمي يجب أن يشكل جريمة يعاقب عليها"·

ولا يمكن للولايات المتحدة أن تزعم بأنها تقود الكفاح ضد التعذيب كونها قدوة، عندما تكون القدوة التي تعطيها هي استخدام الاعتقال المطول بمعزل عن العالم الخارجي، بما في ذلك في أماكن غير معلنة، وإن الشفافية والاتصال والمساءلة هي الإجراءات الأكثر فعالية ضد التعذيب وسوء المعاملة· وينبغي على الولايات المتحدة أن تستخدم هذه الإجراءات، وأن تقود الآخرين فعلاً لتكون قدوة لهم·

وقد أعربت المنظمة في السابق عن قلقها إزاء الرسائل المربكة التي أعطتها حكومة الولايات المتحدة حول التزامها بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ففي يونيو2003، أصدرت الإدارة بياناً قوياً يشير إلى أن سياسة الحكومة تتمثل في "التقيد بجميع التزاماتها القانونية في معاملتها للمعتقلين، وخاصة فيما يتعلق بالواجبات القانونية التي تحظر التعذيب"، وفي الوقت ذاته تقاعست عن التقيد باتفاقيات جنيف فيما يتعلق بمعتقلي غوانتنامو، وعندما تقرر الولايات المتحدة الأمريكية من جانب واحد ما إذا كانت ستؤكد أم لا حقوق الأفراد الذين تحميهم المعاهدات والاتفاقيات الدولية، فقد يرسل هذا رسالة إلى الجنود وسواهم بأن الحكومة تسير على نهج يمكن فيه تجاهل الاتفاقيات الدولية أو تنحيتها جانباً بحسب ما تراه السلطة التنفيذية مناسباً لمصلحتها·

 

المخابرات والاستجواب

 

تحدثت المنظمة أيضاً في الآونة الأخيرة إلى شخص عمل في غوانتنامو، قال إن معظم إن لم يكن جميع المعتقلين الذين احتك بهم هناك (نحو 40) زعموا أنهم تعرضوا للأذى الجسدي في قندهار أو بغرام· واستناداً إلى هذه المعلومات، لم يفاجأ هذا الشخص بالأدلة التي ظهرت مؤخراً في العراق، وذكر أن الانتهاكات في أفغانستان شكلت كما يبدو جزءاً من عملية إضعاف مقاومة المعتقلين لتهيئتم للاستجواب والاعتقال·

ويمثل تقرير تاغوبا دليلاً على أن الانتهاكات التي زُعم أنها ارتُكبت ضد المعتقلين في العراق جاءت في أعقاب طلبات قدمتها المخابرات العسكرية، وغيرها من جهات الاستجواب الحكومية، بأن يمهد حراس الشرطة العسكرية في السجن "الأوضاع الجسدية والنفسية للاستجواب المواتي للشهود"· وزعم الحراس أن أفراد المخابرات العسكرية أصدروا تعليمات تتضمن "إضعاف مقاومة هذا الشخص من أجلنا"، و"تأكدوا من قضائه ليلة سيئة"؛ "تأكدوا من تلقيه المعاملة إياها"؛ "أحسنتم، إن مقاومتهم تنهار بسرعة حقاً· وهم يجيبون عن كل سؤال، ويفصحون عن معلومات جيدة، وأخيراً، استمروا في عملكم الجيد، وأشياء من هذا القبيل"·

وفي مؤتمر صحافي عقدته السلطة الموقتة للائتلاف في العراق في 4 مايو 2004، صرح اللواء جفري ميلر أنه بينما يحظر الاحتكاك الجسدي بين المستنطق والمعتقل، "إلا أنه يمكن استخدام الحرمان من النوم والأوضاع الضاغطة وكل هذه الأشياء· لكن ينبغي التصريح بها"· وإن لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وهي هيئة الخبراء التي تشكلت بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، قضت صراحةً أن تقييد المعتقلين في أوضاع تسبب ألماً مبرحاً وتغطية الوجه والرأس وتوجيه التهديدات والحرمان المطول من النوم هي أساليب استجواب تنتهك الحظر المفروض على التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة·

وتلاحظ المنظمة أن اللواء ميلر تولى رئاسة عملية معتقل غوانتنامو إلى أن كُلِّف مؤخراً بمسؤولية عمليات الاعتقال في العراق· ويلاحظ تقرير تاغوبا أنه اعتباراً من "31 أغسطس وحتى 9 سبتمبر 2003، ترأس اللواء ميلر فريقاً من الأفراد المتمرسين في الاستجواب الاستراتيجي جاء إلى العراق لمراجعة القدرة الراهنة للمسرح العراقي على استغلال المعتقلين بسرعة للحصول على معلومات استخبارية موجبة لإقامة دعاوى"· كذلك لاحظ تقرير تاغوبا أن فريق اللواء ميلر ذكر أنه "من الضروري أن يُشارك جهاز الحراس مشاركة فعالة في تهيئة الأوضاع للاستغلال الناجح للمعتقلين"· ويبدو أن الممارسة المزعومة للتعذيب وسوء المعاملة التي تشكل محور تقرير تاغوبا قد بدأت في هذا الوقت تقريباً·

ويقضي تقرير تاغوبا بأنه "لا يجوز إشراك الشرطة العسكرية في التمهيد "للأوضاع المواتية" من أجل المقابلات اللاحقة، فهذه الأفعال ··· تتعارض بوضوح مع التشغيل السلس لمرفق الاعتقال"·

 

دخول المراقبين

 

منعت الإدارة الأمريكية دخول المراقبين المستقلين لحقوق الإنسان، بمن فيهم منظمة العفو الدولية، إلى أماكن الاعتقال ونعيد مرة أخرى إلى الأذهان البيان الذي أصدرتموه، في 26 يونيو 2003، وتعهدتم فيه بالتزام الولايات المتحدة الأمريكية باستئصال شأفة التعذيب وقلتم فيه : "إن منتهكي حقوق الإنسان سيئي الصيت، ومن ضمنهم بورما وكوبا وكوريا الشمالية وإيران وزيمبابوي، سعوا منذ زمن طويل إلى إخفاء الانتهاكات التي ارتكبوها عن عيون العالم بممارسة خدع مُحكمة ومنع المراقبين الدوليين لحقوق الإنسان من الدخول"· ونحثكم على ضمان منح حق الدخول هذا الآن إلى جميع مرافق الاعتقال الأمريكية·

وبينما سُمح للجنة الدولية للصليب الأحمر بمقابلة المعتقلين، إلا أن حق المقابلة هذا لم يكن كاملاً ومتواصلاً في بعض الحالات كما ورد، بما في ذلك في قاعدة بغرام الجوية وفي أماكن أخرى غير معلنة· وفي هذا الصدد، يساورنا القلق إزاء المقطع التالي الوارد في تقرير تاغوبا :

كانت مختلف مرافق الاعتقال التي يُشغلها اللواء الثمانمئة للشرطة العسكرية تحتجز بصورة مألوفة أشخاصاً أحضرتهم إلى هذه المرافق وكالات حكومية أخرى من دون إحصائهم ومعرفة هوياتهم أو حتى معرفة سبب اعتقالهم· وأطلق مركز الاستجواب واستخلاص المعلومات المشترك في أبو غريب على هؤلاء المعتقلين تسمية "المعتقلين الأشباح"· وفي مناسبة واحدة على الأقل، احتجزت الكتيبة الـ 320 للشرطة العسكرية في أبو غريب حفنة من "المعتقلين الأشباح" نيابة عن وكالات حكومية أخرى نقلتهم في أرجاء المرفق لإخفائهم عن فريق المسح الزائر التابع للجنة الدولية للصليب الأحمر، واتسمت هذه المناورة بالخداع، على نحو يتعارض مع مبدأ الجيش وانتهكت القانون الدولي·

وتفضلوا بقبول أطيب التحيات

أيرين خان

الأمين العام

" نسخة إلى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد

" نسخة إلى وزير الخارجية كولن باول

 

----------------------------

 

الوفيات في الحجز

 

إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تقابل الرجلين اللذين توفيا في حجز الولايات المتحدة في ديسمبر 2002 في قاعدة بغرام الجوية بأفغانستان· ووفقاً لتقريري التشريح الرسميين، كان سبب وفاتهما "القتل" وكانت هناك جروح ناجمة عن "قوة استُخدمت فيها أدوات غير حادة" في كلا الحالتين، وأُبلغت منظمة العفو الدولية من جانب رئيس الشؤون العامة في قيادة التحقيقات الجنائية التابعة للجيش الأمريكي في 6 مايو 2004 أن التحقيقات في وفاتهما ما زالت مستمرة، لكن التحقيق "شارف على الانتهاء"، وقد مضى الآن 17 شهراً على وفاة الرجلين، وبحسب ما ورد تجري تحقيقات على قدم وساق في عشرات الحالات الأخرى للوفاة في حجز الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان كما ورد·

وتكرر منظمة العفو الدولية هنا أحد المزاعم التي وردت في السجل اليومي للعريف الإداري إيفان أل· فريدريك بشأن وفاة سجين عراقي في الحجز بسجن أبو غريب : "أجهدوه بشدة لدرجة أن الرجل فارق الحياة، ووضعوا جثته في كيس للجثث وغطوه بالثلج لمدة 24 ساعة تقريباً في الدوش ··· وفي اليوم التالي أتى الأطباء ووضعوا جثمانه على نقالة وعلقوا له مصلاً وريدياً زائفاً وأخرجوه"· وذكر فريدريك أن السجين لم يسجل اسمه قط في نظام السجن "وبالتالي لم يُعطَ رقماً قط"·

ونشدد على وجوب إجراء تحقيق في جميع الوفيات في الحجز وعلى وجوب نشر نتائج جميع هذه التحقيقات على الملأ· وإذا تبين أن أي شخص توفي نتيجة التعذيب، فيحق لمعوليه الحصول على تعويض بموجب المادة 14 من اتفاقية مناهضة التعذيب· ويجب تقديم الذين يتبين أنهم مسؤولون عن ذلك إلى العدالة·

طباعة  

إضاءة
 
متابعات محلية ودولية
 
ضرب النساء حول العالم·· بالأرقام
 
أخبار
 
human.net