رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 23 ربيع الأول 1425هـ - 12 مايو 2004
العدد 1627

"الظاهر والمستور في كتاب ربات الخدور"
المفتي: "حسن العواقب" لزينب بنت فواز أول عمل روائي في الثقافة العربية المعاصرة·· لا "زينب" هيكل!!

                                       

                                                 المفتي والحداد خلال المحاضرة

 

كتب المحرر الثقافي:

ضمن برنامج رابطة الأدباء الثقافي الأسبوعي ألقت الأستاذة بكلية التربية الأساسية د· إلهام المفتي محاضرة بعنوان "الظاهر والمستور في كتاب ربات الخدور: تأملات في مشروع زينب بنت فواز  1860-1914، قدم المحاضرة الباحث والكاتب عباس يوسف الحداد بكلمات استرجع فيها دور بعض الأسماء النسائية منذ أواسط القرن التاسع عشر حتى مطلع العشرين مثل عائشة التيمورية وزينب بنت فواز ومريم النحاس وهند نوفل وهدى شعراوي وملك حفني ناصف ونبوية موسى وأشار الى أثرهن في إبراز دور المرأة ومكانتها في العصر الحديث·

كما أشار الحداد الى نشوء جمعيات ومؤسسات في تلك الفترة أسست للدور النسائي في المجتمعات العربية مثل جمعية ترقي المرأة على يد فاطمة راشد 1908 وجمعية النهضة النسائية برئاسة فاطمة عاصم 1916 وجمعيية المرأة الجديدة 1919، بالإضافة الى دور الرائدات في العمل الصحافي وعملهن في رئاسة تحرير عدد من المجلات مثل مجلة المرأة 1901 ومجلة شجرة الدر 1901 ومجلة الزهرة (1902) والسعادة (1902) والسيدات والبنات (1903)، وفتاة الشرق (1906) والبرنسيسة (1909)·

ثم قدم الحداد المحاضرة د· الهام المفتي كباحثة متخصصة في التراث الأدبي وإنجازها لكثير من الإصدارات والتحقيق في المخطوطات والكتب والترجمات·

بدأت د· إلهام المفتي بتفسيرها لعنوان المحاضرة، "إن الذي أملى علي العنوان هو أن الكتاب في سياقه - تاريخيا واجتماعيا - يوحي لمن يتأمله بأن له ظاهرا وباطنا، وبأن المسكوت عنه فيه لا يقل أهمية عن المصرح به، وتزيد مشكلة القراءة إلحاحا حين يرتبط الكتاب باسم زينب بنت فواز، وهي شخصية لا يعادل تأثيرها في مسار الفكر النسوي إلا غموض حياتها على نحو يتحدى في كثير من الأحيان كل إمكانات الترجيح والتخمين·

إذا كان العنوان الذي اخترته / ارتضيته لهذه المحاضرة هو: "عن الظاهر والمستور في كتاب "طبقات ربات الخدور، تأملات في مشروع زينب بنت فواز"·

فإني سأضطر في معالجتي لهذا الموضوع الى السير في الاتجاه المعاكس، لأن حياة صاحبة المشروع/ الكتاب وجهودها في أمس الحاجة الى بعض الأضواء الكاشفة، وهو تمهيد وبداية لا بد منها لقراءة الكتاب"·

ثم تحدثت المفتي عن سيرة حياة الكاتبة بقولها: "إن الغموض الذي يكتنف سيرة زينب بنت فواز اتسع ليشمل مظاهر متعددة:

- تاريخ ميلادها: يتراوح بين 1845-1860 وإن كان تاريخ وفاتها مؤكدا وهو 1914·

- المولد والنشأة: قدمت زينب بنت فواز نفسها على صفحة الغلاف ثم أعادت ذلك في مقدمة الكتاب على أنها:

"·· السورية مولدا وموطنا، المصرية منشأ وسكنا" ويرد على الشطر الأول من حياتها (أي في أرض المولد والوطن) عدد من علامات الاستفهام:

- الى أي البيوتات تنتمي؟ وما حال أهلها؟، تشير بعض المصادر التي أوردت ذكرها على أنها تنتمي لأسرة "رقيقة الحال" من قرية "تبنين" من أعمال صور في لبنان، ومن جبل عامل·

- أبوها كان فلاحا أميا، أما أمها فلا نعرف عنها شيئا، ولا ندري إن كانت على قيد الحياة أم غيرها·

- تذكر بعض المصادر أنها: "اتصلت (كذا؟)·· بفاطمة الخليل زوجة علي بك الأسعد·· الذي كان واليا على قسم من جبل عامل·· وعملت خادمة في قصرها"·

ويبدو أن السيدة الجليلة رأت في هذه الفتاة/ أو الطفلة (لا ندري متى كان ذلك الاتصال، وكيف تم) مظاهر ذكاء ونبوغ فعلتمها القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم·

بل تورد بعض المصادر أن السيدة فاطمة الخليل فتحت مكتبة كبيرة كانت في قصرها لهذه الفتاة وتركتها تحت تصرفها للاستفادة منها·

- ويرتبط بهذا الأمر أيضا قصة زواجها في سورية، إذ تتضارب الأقوال في عدد مرات الزواج، وأزمنتها، وأسماء من تزوجت بهم، وأسباب فشل تلك الزيجات"·

وتحدثت د· المفتي عن نشاط الكاتبة بنت فواز في التأليف: "من الثابت/ المؤكد أنها قد فرضت نفسها على الحياة الثقافية في مصرفي تلك الحقبة من تاريخنا المعاصر·

فقد نشرت الكثير من المقالات في صحف مصر ومجلاتها مثل: النيل، الفتاة، الأستاذ·· إلخ·

ثم جمعت هذه المقالات في كتاب أسمته "الرسائل الزينبية"·

- نشرت روايتان هما: "حسن العواقب أو غادة الزهراء"، و"الملك قوروش أو ملك الفرس"·

وقد تنبه بعض الدارسين/ الدارسات لتاريخ الرواية عند العرب في عصرنا الحديث الى أن "زينب بنت فواز" هي صاحبة الريادة والسبق في مجال التأليف الروائي·

إذ سبقت روايتها "حسن العواقب" - زمنيا - رواية "حسين هيكل" - "زينب"·

وهنا تثير د· المفتي تساؤلات عن الروابط بين اسم الكاتبة وعنوان رواية هيكل مشككة بإمكانية وروده مصادفة·

وللتدليل على هذا السبق نشير هنا الى ما جاء في رسالتها الى السيدة "بارثا هونوري بالمر - رئيسة القسم النسائي في معرض شيكاغو" جاء فيها:

"وأخبرك أيتها العزيزة الفاضلة بأنني ألفت رواية تشخيصية من حوادث عصرنا الحالي، وأشخاصها من أعز أصدقائي، فإن سمحت لي بأن أرسلها لك لتأمري بترجمتها، وتشخيصها في المعرض تصيّريني ممتنة بقبولها·· ويمكن إرسالها قبل إرسال الكتاب لأني فرغت من تأليفها، فإنها صغيرة جدا بالنسبة للكتاب"·

- مسرحية من أربعة فصول: "الهوى والوفاء"·

- كتاب في تراجم النساء "الدر المنثور في طبقات ربات الخدور"· وهو الذي تشير إليه في رسالتها السابقة، فقد بدأت بتأليف هذا الكتاب في: "4 ربيع الأول سنة 1309هـ الموافق 7 أكتوبر 1891م"·

(كما جاء في مقدمتها)·

فقد أرادت المشاركة في معرض لمصنوعات المرأة أقيم في أمريكا ولها مراسلات مع السيدة بارثا هونوري بالمر - رئيسة القسم النسائي في معرض شيكاغو تسألها عن مدى إمكانية تحقق ذلك·

وبذلك يتضح لنا أن نشاطها تجاوز حدود مصر ليصل الى عقد الصلة مع الحركة النسائية العالمية، خاصة إذا ما علمنا أن ردا بالموافقة على المشاركة في ذلك المعرض، والامتنان من القائمة عليه لمبادرة زينب تلك قد وصلتها في رسالة من السيدة المشار إليها في 30 يوليو 1892"·

ثم تنتقل د· المفتي الى مؤلفات بنت فواز من المخطوطات:

تركت بضعة آثار لا تزال مخطوطة حتى الآن، ولعل بعضها لم يكتمل تأليفه مثل:

- مدارك الكمال في تراجم الرجال، وكما العنوان:

- وهو كتاب في تراجم الرجال، وإن كنا لم نستطع أن نتبين فحواه وطريقة معالجتها لأخبار الرجال فيه·

- "الجوهر النضيد في مآثر الملك الحميد"·

- ديوان شعر لها، فقد نشرت أشعارها في مناسبات مختلفة وموضوعات متنوعة في الكثير من المطبوعات المصرية، لكنها جمعت شعرها في ديوان لا يزال مخطوطا كما أوردت المصادر التي تحدثت عنها·

وتتوقف د· المفتي عند الكتابات الأولى لسير "الرجال" عصور كثيرة، وتشير الى أن القدماء لم يهملوا ترجمات النساء كليا لكن أخبارهن وأعمالهن لم تحظ بالاهتمام مثل الرجال "فقد جاءت أخبارهن ضمن المؤلفات المخصصة للرجال، في مختلف العلوم والفنون"·

في فترات لاحقة وضعت مؤلفات خاصة بهن وبأخبارهن·

مراجعة لكتاب فهرست ابن النديم - مثلا - تعيننا في تحديد/ تعيين عناوين متناثرة لمؤلفات في هذا الموضوع: منها على سبيل المثال:

كتاب "أمهات أعيان بني عبدالمطلب"، كتاب "أمهات النبي صلى الله عليه وسلم لمحمد بن حبيب، وأيضا: "من نسب الى أمة من الشعراء"·

أو: كتاب "من فضل الأعرابيات على الحضريات"، كتاب "من تشبه بالرجال من النساء" للمدائني، الذي توجد له رسائل عدة في موضوعات خاصة بالنساء وأخبارهن·

أو: "أخبار العابدات والمتصوفات والزاهدات·· وغيرهن·

ما حظي باهتمام المؤلفين القدماء وجامعي الأخبار، وكثرت فيه التآليف على وجه الخصوص فهو: "أخبار النساء الشواعر والمغنيات"·

وهو على كثرته وتنوعه لم يصل منه إلا أقل القليل (ضمن مجموعات التراجم العامة، أو مؤلفات مفردة لهن فقط)·

أقدم كتاب وصل إلينا، اعتنى بأخبار النساء فقط هو كتاب "أشعار النساء للمرزباني 384هـ"·

 

موقع كتاب زينب بين التراجم:

 

تقول د· المفتي: "على كثرة ما كتب وتنوعه في موضوع التراجم في الثقافة العربية لا توجد إشارة واحدة تتحدث عن امرأة وضعت كتابا في التراجم، سواء أكان لتراجم النساء وأخبارهن، أو لغير النساء·

وإن كان هذا لا يعني عدم وجود إشارات الى كتب في موضوعات أخرى كتبتها النساء، خاصة ما يتعلق بالغناء وفنونه، أو الأصوات من مثل ما ينسب الى "دنانير جارية البرامكة"·

على ذلك، يمكن الاطمئنان الى القول بأن كتاب "بنت فواز" هذا هو أول كتاب في الثقافة العربية تضعه امرأة، وتخصص موضوعه - كما جاء في المقدمة - للكشف عن: "فضائل ذوات الفضائل، من الآنسات والعقائل، وجمع شتات تراجمهن بقدر ما يصل إليه الإمكان، وإيراد أخبارهن في كل زمان ومكان··"·

وليست فكرة السبق في موضوعه، وتأمل عقلية المرأة وأسلوبها عندما تكتب عن المرأة وتؤرخ لها هو ما جعل هذا الكتاب يحظى بالأهمية فقط، ولكن حقيقة أن هذا الكتاب امتد تأثيره - فيما بعد - الى كثير من الكتب التي ترجم أصحابها للنساء في تاريخنا الحديث·

سواء اعترف أصحابها - صراحة - بالاستفادة من ذلك الكتاب، أم اكتفى غيرهم بالتلميح الى تلك الإفادة· ولا بد هنا أن أشير الى اثنين من الكتب المهمة في هذا الباب وهما: معجم الأديبات الشواعر، للسيد جمال الدين محمد الحسن بك السمان الحموي - المكنى بأبي العزم"·

وعن مضمون كتاب بنت فواز وهدف كاتبته تقول د· المفتي: "تولت مهمة تأليف الكتاب لتكشف للرجال أنهم قد ضيعوا الكثير حين أهملوا أو تجاهلوا وضع كتاب مفرد: "لنصف العالم الإنساني·· باللغة العربية" يجمع أخبار "من اشتهرن بالفضائل وتنزهن عن الرذائل"·

من أولئك اللاتي نبغن في وضع: "المؤلفات التي حاكين بها أعاظم العلماء، وعارضن فحول الشعراء"·

ثم ألحقت بذلك لفظة "طبقات" كأنما أرادت أن تجعل كتابها/ العقد الذي انتظمته/ على شكل طبقات أسوة بكتب كثرة اشتهرت بمثل هذا التصنيف: طبقات فحول الشعراء، ابن سلام، طبقات الشعراني، الطبقات الكبرى لابن سعد، لكنها عند التطبيق الفعلي لم تتمكن من تحقيق الترتيب على أساس (الطبقة) في مداخل الكتاب، وكان هذا متوقعا عندما أعلنت في مقدمتها للكتاب وضعت أنها رتبت أبواب كتابها "على الحروف الهجائية" إذ لا يمكن أن يتفق الالتزام بالترتيب الهجائي مع الترتيب على أساس الطبقة، ويبدو أنها أحست بهذا التناقض لذلك نجدها في رسالتها الى السيدة "بارثا هنري"، تذكر شيئا عن فكرة (الطبقة) تلك، ومقصودها منها: وهي "طبقاتهن في الهيئة الاجتماعية" ثم تشير د· المفتي الى أن الكاتبة قد زادت الأمر غموضا و"لكن الأمر عندي أنها وضعت العنوان متأثرة بكتب الطبقات والتراجم وعناوينها في التراث العربي بغية إحداث التأثير الطريف من أسلوب السجع في ذلك العنوان"·

ومن الملاحظات الأخرى في كتاب بنت فواز، تقول د· المفتي "والغريب، أن بنت فواز على الرغم من أنها قد ترجمت لبعض المعاصرات ومن لم يزلن على قيد الحياة، إلا أنها لم تهتم بالترجمة لبعض المعاصرات لها ممن أثبتت مقالات لهن في مقدمة كتابها"·

طباعة  

من سارق شتيمة أمـريكا؟!
نصرالله يتهم سعدي يوسف بسرقة قصيدته ·· ثم يعتذر بعد اكتشاف الحقيقة المرة!

 
وتــد
 
فتحية حسين "قراءة في الصحافة الكويتية" خلال شهر واحد
 
خبر ثقافي
 
المرصد الثقافي