رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 19 محرم 1425هـ - 10 مارس 2004
العدد 1618

تخوف من أن تتحول المنطقة إلى كشمير جديدة
تحطم مفاوضات السلام السودانية على صخرة "إيبي"

                                     

 

قطعت المفاوضات التي تجري بين الحكومة السودانية والجبهة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق شوطا كبيرا، ولم يتبق على توقيع الاتفاق النهائي إلا بعض التفاصيل في ملف قسمة السلطة والمناطق الثلاث، ولكن يبدو أن هناك عقبة أساسية حائلة دون إتمام ذلك وهي تتمثل في الخلاف المستعصي بين الطرفين على تبعية منطقة "إيبي" فالوفدان يقفان على طرفي نقيض ويتشبث كل منهما بموقفه الأمر الذي أدى الى إطالة أمد المفاوضات حتى الآن·

فالحركة ترى أن هذه المنطقة كانت تتبع مديرية بحر الغزال ثم تم ضمها الى مديرية كردنان مع منطقتين أخريين هما "التوج" و"رونيق" كانتا تتبعان لمديرية أعالي النيل، وترى الحركة الشعبية أن الإنجليز حين بدؤوا سياسة تعيين الحدود الإدارية تم إعادة المنطقتين الى أعالي النيل واستشاروا سلاطين "الدينكا نقول" في عودة تبعيتهم الى بحر الغزال إلا أنهم رفضوا، وتستدل الحركة بذلك على أن هذه المنطقة جنوبية في الأصل ويجب أن تعود بقرار إداري كما تم نقل تبعيتها من قبل بقرار إداري·

أما الحكومة فترى أن المرجعية التاريخية لمنطقة "إيبي" تقول إنها ظلت تابعة إداريا للشمال منذ عام 1905 أي على مدى مئة عام وأنه طبقا للوثائق فإن السودان بحدوده وجغرافيته الحديثة ضم مديرية بحر الغزال التي يحدها بحر العرب شمالا، وأن الحدود الواقعة شمال بحر العرب ظلت دائما تابعة للإدارة في شمال السودان· هذا وقد نص اتفاق "مشاكوس" على اعتماد الحدود الجغرافية للسودان وفقا لترسيم المناطق أو المديريات التسع "6 في الشمال و3 في الجنوب" لدى إعلان الاستقلال في أول يناير 1956 وهو ترسيم احتفظ لإيبي بمكانها ووضعها ضمن حدود الشمال وليس الجنوب·

ويرى المراقبون أن موقف الحركة الشعبية في التمسك بهذه المنطقة يعود لأسباب عدة من أهمها أن هناك بعض المقاتلين في صفوف الحركة من أبناء هذه المنطقة وهم يريدون عودتها الى الجنوب لكي يتمكنوا من السيطرة عليها وحكمها من خلال حكومة الإقليم الجنوبي، فضلا عن الاحتمالات القوية حول وجود البترول بإمكانات مبشرة في هذه المنطقة·

أما الموقف الحكومي فيعيده المراقبون الى القول الحكومي بأن التفريط في إيبي هو خرق واضح لبرتوكول مشاكوس وهو ما لن يتم السماح به، بالإضافة الى أن السماح بعودة إيبي سوف يفتح المجال واسعا لتفكيك السودان فضلا عن أن المنطقة تابعة للشمال منذ قرن كامل، ويشير المراقبون الى أن الإدارة الأمريكية قد أعطت أكثر من إشارة تفصح عن عدم ترحيبها بتعنت الحركة الشعبية وإن موقف الحركة مخالف لاتفاق مشاكوس، كما أن الإدارة البريطانية تميل في موقفها الى تأييد وجهة نظر حكومة السودان، إذ إن الموقف الحكومي بني في الأساس على الوثائق والأحداث التي صنعتها الإدارة البريطانية من قبل·

ومن أجل التوصل الى حلول لهذه القضية، قدم المبعوث الأمريكي "جون رانفورت" اقتراحا في زيارته الأخيرة لنيفاشا بإجراء استفتاء لأهالي المنطقة في منتصف الفترة الانتقالية أي بعد ثلاث سنوات من توقيع اتفاق سلام نهائي، وأنه على ضوء نتائج الاستفتاء يتم تحديد موقع المنطقة، إلا أن كلا الطرفين رفض هذا المقترح·

وأمام إصرار الطرفين على موقفهما، بدا واضحا أن القضية تزداد تعقيدا وأنها مرشحة لتكون سببا في المزيد من التوتر والاضطرابات في الفترة المقبلة·

ويتخوف المراقبون في أن تصبح هذه المنطقة هي كشمير جديدة مثل إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، خاصة لو اختار الجنوب الانفصال، فكلا الطرفين الشمالي والجنوبي له وجود بشري وتاريخي في المنطقة ولا يمكن اتخاذ أي إجراء من شأنه الإضرار بمصلحة أي منهما على حساب الآخر، أما في حالة اختيار الوحدة فإن الحل الذي تقترحه الحكومة كمخرج قد يبدو مناسبا ويقضي بوضع المنطقة تحت إدارة رئاسة الجمهورية مباشرة·

طباعة  

قمة تونس ومبادرات إصلاح البيت العربي:
مشروع قرار لحل نهائي للصراع العربي - الإسرائيلي

 
خطة الانسحاب من غزة وتفكيك المستوطنات تثير علامات الاستفهام
شارون يراهن على الاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني

 
ملف كتائب شهداء الأقصى يحتل جانبا بارزا في المداولات
نتائج اجتماعات المجلس الثوري لفتح دون التطلعات

 
القيادة السياسية في مصر ترغب في إعطاء الديمقراطية للشعب على جرعات!!