رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 2 محرم 1427هـ - 1 فبراير 2006
العدد 1713

هذه أخطاؤنا في العراق

                                                                                  

 

·         الحكومة العراقية تعسفت في تطبيق سياسة اجتثاث البعث

·         أتفق مع بن لادن أن الحرب (العالمية) الثالثة بدأت في العراق

·         عدد القوات الأمريكية في العراق ليس كافيا لإنجاز المهام الموكلة إليها

 

بقلم: بول بريمر*

الجدل الأخير الذي أثاره نشر كتابي حول العراق أدى إلى تسخين الأجواء أكثر من تسليط الضوء على هذه التجربة· وهذه بعض الدروس الأساسية التي استخلصتها من تجربة امتدت لمدة عام في العراق·

أولا: إن إصلاح الضرر الذي لحق بالعراق جراء عقود من الطغيان لن يكون بالأمر السهل، وقد ارتكبت بعض الأخطاء· فعلى سبيل المثال، خذ جهودنا لحظر المناصب العامة عن كبار مسؤولي "البعث"· لقد اتخذنا القرار الصائب في هذا الشأن، فهذا الحزب شكل الأداة الرئيسية لدكتاتورية صدام، وكانت سياستنا تهدف الى إقصاء كبار قادة الحزب أو حوالي 1 في المئة من كوادره العليا· وكان الخطأ أنني تركت تطبيق هذه السياسة الى هيئة سياسية تابعة للحكومة العراقية، وقد أصبح ذلك أداة بيد السياسيين الذين طبقوها بصورة موسعة أكثر من المتوخى· لقد كان ينبغي الإشراف على سياسة اجتثاث البعث من قبل هيئة قضائية مستقلة· وكذلك أخطأنا بالتركيز كثيرا على مشروعات إعادة البناء الكبرى· وفي حين كانت الحاجة ماسة للطرق السريعة الحديثة ومحطات توليد الكهرباء وما شابه، فقد كان علينا أن نأخذ في الاعتبار أن هذه المشروعات سوف تأخذ وقتا طويلا· وكان يجب أن تنصب جهودنا الأولى على تلبية الاحتياجات اليومية للمواطنين العراقيين·

استثناءات مشروعة

ومن أجل تسريع العمل في المشروعات الكبرى، كان يتعين علي الإصرار على استثنائها من القواعد البيروقراطية الاعتيادية لترسية العقود· لقد تعلمت هذا الدرس بصورة دراماتيكية بعد أسابيع قليلة من وصولي الى بغداد· فقد علمنا أن ستة مستشفيات كبرى في بغداد كانت بحاجة الى مولدات كهرباء جديدة من أجل تشغيل غرف العمليات ووحدات التكييف·

وقد أبلغني مدير الميزانية أن بوسعي الاستعانة بمخصصات مالية أمريكية تخضع للقواعد الفيدرالية في ترسية العقود، أو أموال عراقية لا تخضع لهذه القواعد· وأبلغني أن استخدام الأموال الأمريكية سيعني ضرورة الانتظار (4-6) أشهر حتى نتمكن من شراء المولدات· ولكننا استخدمنا أموال الحكومة العراقية وحصلنا على المعدات خلال ثمانية أيام· وأعتقد أن على الكونغرس أن يضع مخصصات للاستثناءات المشروعة مستقبلا·

أما الدرس الآخر الواضح، فهو أن الولايات المتحدة يجب أن تكون أكثر استعدادا لمرحلة ما بعد الحرب إذا وجدنا أنفسنا في وضع عسكري مشابه في المستقبل· لقد حققت إدارة بوش بداية طيبة بإقامة مكاتب لإعادة البناء في وزارتي الخارجية والدفاع· ولكن كان ينبغي توسيع هذه الجهود من خلال الحكومة وخاصة القطاع الخاص· ويجب أن يكون الهدف ردا سريعا وتشكيل وكالة مدنية من القطاعين الخاص والعام تتألف من أناس لديهم خبرة في مجالات مثل تأسيس منشآت للاتصالات وإعادة بناء محطات الكهرباء وتحديث نظام الرعاية الصحية واعتماد إجراءات حديثة للميزانية·

وأخيرا، تم إيلاء عناية كبرى بمخاوفي حيال الحاجة للحفاظ على القوة البشرية الكافية لهزيمة الإرهابيين والمتمردين· وقال لي القادة العسكريون إن لديهم عددا كافيا من القوات لضمان النظام والقانون وأن زيادة عدد القوات العاملة في العراق قد يؤدي الى إثارة عداء العراقيين· وكانت تلك جدلية تحظى بالاحترام، لكنني كنت اختلف معهم بشأنها· وبينما كانت لدي مخاوف إزاء مستوى القوات العراقية الجديدة قبل عامين، إلا أنه طرأ تحسن على تدريبهم· وهم يلعبون اليوم دورا مهما بشكل متزايد في الدفاع عن العراق·

انتكاسات

وعلى الرغم من الخطوات الخاطئة والانتكاسات، فما من شك أنه بفضل الجهود التي قام بها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، فقد تحقق تقدم هائل في العراق على الصعيدين السياسي والاقتصادي·

فقبل عامين، أبلغ زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي أنصاره بأنه لن يكون لهم مكان في عراق ديمقراطي· وبعد عام واحد، صوت العراقيون في أول انتخابات حقيقية تجرى في البلاد· ثم كتبوا الدستور وصادقوا عليه· وفي شهر ديسمبر الماضي، خرج 70 في المئة من العراقيين للتصويت من أجل انتخاب برلمان جديد· والآن، يتعين على هذا البرلمان تعديل الدستور بحيث يعالج المخاوف المشروعة للسنة· وبالنسبة للاقتصاد العراقي، كان عند تحرير البلاد، في حال سيئ، حيث قدر البنك الدولي تحسن اقتصاد البلاد خلال عام 2003 بنسبة 41 في المئة، والآن، يستفيد العراق من بنك مركزي مستقل وعملة وطنية جديدة يمثل استقرارها مؤشرا على الثقة·

وأصبح الاقتصاد العراقي مفتوحا للاستثمار الأجنبي وتم تحديث قوانين التجارة· وأورد صندوق النقد الدولي تقريرا يفيد أن دخل الفرد العراقي تضاعف مرتين خلال عامين، وتنبأ بأن يحقق الاقتصاد الوطني نموا بنسبة 17 في المئة خلال العام الحالي· ولا عجب في نمو نسبة تسجيل الشركات الجديدة بنسبة 67 في المئة خلال الأشهر الستة الماضية·

وبالطبع، ما زالت هناك حاجة لعمل الكثير· فالقوات الأمريكية والعراقية تقدم الضحايا يوميا في مقاتلة العناصر الإجرامية لنظام صدام وإرهابيي القاعدة· لقد أصاب الرئيس بوش حين وصف العراق بأنه يمثل الجبهة المركزية في الحرب على الإرهاب، وكما قال أسامة بن لادن نفسه لأنصاره، فإن "الحرب العالمية الثالثة قد بدأت في العراق، وأن هذه الحرب سوف تنتهي إما بالنصر والمجد أو البؤس والمهانة"·

وعلى الرغم من هذه المخاطر الهائلة، دعا بعض الأمريكيين الى وضع جدول زمني لسحب قواتنا أو حتى البدء بسحبها فورا· إننا نرتكب خطأ تاريخيا إن فعلنا ذلك، فضلا عن كونه تنكرا لتضحيات الأمريكيين والعراقيين، ونصرا للإرهابيين في كل مكان، وخطوة نحو عالم أكثر خطورة·

 

" عن نيويورك تايمز "

*المدير السابق لإدارة التحالف الموقتة في العراق ومؤلف كتاب "عامي في العراق: الكفاح من أجل بناء مستقبل واعد"

طباعة  

الفلسطينيون صوّتوا بحرية وعلينا احترام خيارهم
 
غياب شارون يفتح الباب لواشنطن لإمساك بزمام المبادرة في عملية السلام
 
أول امرأة تصعد الى سدة الرئاسة في تشيلي:
اشتراكية نجت من السجن والتعذيب