رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 3 ذو القعدة 1424هـ - 27 ديسمبر 2003
العدد 1608

باسمة وحمدة وبروين وميسون وبينهن "رجل"
غزل الحرية والمساواة والفحولة في شعر تاء التأنيث·· والـ "نجمة" نجمة

·        بدر الرفاعي: المطالبة بالحقوق الاجتماعية للمرأة·· أولوية

·        حمدة خميس تقود تظاهرة ضد الرجل·· وتتراجع!

·        ميسون القاسمي بين الشعر والتشكيل تطارد النقص لتكتمل

 

كتب المحرر الثقافي:

في هذا العام خصص المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أنشطته الثقافية المصاحبة لمعرض الكتاب العربي الثامن والعشرين للمرأة، الشاعرة والروائية والباحثة، أو في قضاياها·

ففي مساء السبت الماضي افتتح الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة بدر الرفاعي فعاليات الأنشطة بكلمة "غير تقليدية" - كما وصفها - أشار فيها الى أن مجرد تخصيص برنامج للمرأة فقط، يعكس الشعور الحقيقي لدى مجتمعاتنا في تعاملها مع المرأة، والاكتفاء بإعطائها دورا ثانويا فقط·

وأشار الى أن مجتمعاتنا العربية لم تغادر بعد فكرة "العقاد" عن المرأة، ومكانتها وإبداعها، ثم يتساءل: "هل حقا غادرنا نحن جيل القرن الواحد والعشرين رأي العقاد هذا في المرأة؟"، ويرفض الرفاعي هذا التعامل الذي يعتبر المرأة "كائنا منقوص العقل، زائغ الحكمة، في حاجة الى القيادة والتوجيه دائما"، ويعيد تفسير هذا الموروث الى المجتمع الذي ما زال "يخضع لسلطة الرجل، باعتباره السيد"·

وعن الحقوق السياسية للمرأة وخيبات الأمل المتكررة في سبيل الحصول عليها يرى الرفاعي أن الأولوية التي يجب أن تسعى إليها المرأة هي المطالبة بالحقوق الاجتماعية، قبل السياسية "إذ ما جدوى حق الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية بينما حقوقها الاجتماعية منقوصة"·

 

رغبات باسمة

بعد كلمة الأمين العام، قدمت الشاعرة والإعلامية بروين حبيب الشاعرة اللبنانية باسمة بطولي لتلقي مجموعة من القصائد العاطفية والحسية، تنوعت بين الشكل العمودي والتفعيلة، وكانت أغلب قصائدها الحالمة والمباشرة في الغزل الرومانسي بالحبيب، والرغبة في التوحد به:

وأرحل فيك أبحث عنك فيّ

كما في الري أستجدي الغليلا

أأخشاك العباب وأنت فلكي

وأنت إليك ما دمت السبيلا

وفي عينيك قد أهمي وأصحو

أسابق في مروجهما الفصولا

وما أهتم عود أم رحيلٌ

برحبك يعدل العود الرحيلا

 

نجمة تتأمل

نجمة إدريس بدأت بالشهيدة "أسرار"، كرمز وطني للمرأة المقاومة، فحملت قصيدتها "رسائل اعتذار لأسرار القبندي" إدانة عنيفة للرجل، مقارنة بين صورتين في المجتمع: شجاعة امرأة، وتردد وانسحاب رجل في زمن المحنة·

وبتلك اللافتة الغاضبة التي تحمل اسم "أسرار" كشهيدة ومقاومة ونموذج لتضحية المرأة وبطولتها، تدين نجمة إدريس التسلط المضاعف الذي تعرضت له المرأة الكويتية بعد إسقاط حقها السياسي في البرلمان:

والنسوة اللواتي تعرفيهْ

وئدنَ بعد صلبك المجيد

دُفِّنَّ في أودية بلا قرارْ!

أما الرجالْ

أولئك الذين حام فوقهم

جوارح البشرْ

تلفتوا وأطلقوا سيقانهم للريحْ

تفرقوا زُمَرْ

أولئك الرجالُ

خلّفوك بعدهم وحيدةْ

يا فرسَ الرهان تصهلينْ

تظللين البحر والبيوت

وتسقطين دونهم شهيدةْ

وعن إسقاط المرسوم الصادر بمنح المرأة حقوقها السياسية، على أيدي "أغلبية" نواب مجلس الأمة الكويتي تقول:

وحين جاءْ

أولئك الملفِّفون "بالبشوت"

تجرعوا أنخابهم من دمك البديدْ

تسيّدوا

وأعلنوا موتك من جديدْ

وخلّفوك أنت يا شهيدةْ

عاريةً بلا إزارْ

وأسدلوا الستارْ

ومن الشعر الخالص المصفّى من شوائب القضايا، تنتقي نجمة إدريس نصوصا أخرى مغموسة بأحاسيس بسيطة، وإشارات ذكية تلتقط ضياع الإنسان، وشعوره بالفراغ والغربة:

لم يوصلني الباص لبيئتي

لم يعرف لي عنوانا قط

بل ألقاني مثل اللقطاء

على قارعة الدرب وولّى

وفي مشهد شعري آخر، رائع تقول:

يا عابرون

من يشتري الغلة

والزيت

وحبات الحنطة؟!

من يشتري قطرة عرق؟!

وفي نص شعري، مكثف بحداثة الفكرة والصورة واللغة، تفتح الشاعرة نجمة إدريس أفقا جديدا ومختلفا، وتعيد شكل التكوين:

لا بد من زمن

غير هذا الزمان

كيما نكون

ونتبرعم

لا بد من عمر غير هذا العمر

ومكان غير هذا المكان

وأفق أوسع

لبزوغنا

ولبذرتنا

أرض أخرى

وماء آخر

 

حمدة·· رغيف المساكين

"وبحكمة الأنثى" وألق الشاعرة المبدعة، تقرأ حمدة خميس نصوصا نثرية محرضة المرأة - في البدء - على طرد الرجولة من جنتها، وقائدة لتظاهرة تخرج الأنثى من دفئها وقيد أساورها:

انهضن انهضن

يا نساء

وصفوة الكائنات

انهضن الى البياض

وفي جنة الجسد الأنثوي وتربته الغامضة، وفيض أنهاره الخالقة للحياة الجديدة، تقول خميس:

انتظروا أيها الرفاق

ها أنذا أجيئكم بحكمة الأنوثة

وأسرار البذار

والأفكار

والمطر

وأبتكر المواسم للعناق

في جسدي بشائر الحياة

وفي أصابعي

لدائن التكوين

وفي عودة لنصفها الآخر، وحنينها الفطري للاندماج فيه، كي يكتمل النصف المشطور في الروح، تتألق جرأة حمدة خميس:

على صدفةٍ

من رصيف الثواني

التقيت الذي سوف يعجن قلبي

بين يديه

ويخبزني كرغيف المساكين

بلا موقدٍ أو لهبْ

ثم يأمرني أن أعود الى الحقل

سنبلة

ليفرطني

حبة·· حبة

في شتات المهب··

بطيف مسائي ملون، قرّب بين حكمة حمدة الأنثوية واقتحاماتها الجريئة "لبيت القصيد"، وبين تأملات الـ "نجمة" الوجودية وحزنها الشاخص في عين الفراغ، ختمت الأمسية·

 

تجربة ميسون

انشطرت إلى أمسيتين!

في مساء الأحد، قدمت الشاعرة والروائية والفنانة التشكيلية ميسون القاسمي شهادة في تجربتها في الشعر والفن التشكيلي، بمقدمة بليغة من الإعلامي والشاعر اللبناني زاهي وهبي الذي عرف القاسمي بلغة شعرية متنقلا بين إبداعها الشعري ولوحاتها التشكيلية، مستعرضا إصداراتها مثل "هكذا أسمي الأشياء" و"الآخر في العتمة" و"جريان في مادة الجسد" و"تشكيل الأذى" ومجموعتها الشعرية الأخيرة "رجل مجنون لا يحبني"·

قالت القاسمي في تجربتها: "أحس أن روحي تحمل الإبداع أمام امتلاك أدواته، وبالنسبة إلي أشعر أنني حينما أكتب فإن هناك شيئا ما ينقصني، حيث إن الكتابة ينقصها اللون والرائحة، فهناك شيء له علاقة باليد، وحركة الجسد، يشحنني بأشياء أخرى غير تلك التي أعرفها حين أكتب·

وحين بدأت الرسم كنت مصرة على أن يضاهي الشعر ويماثله لا أن يفسره أو يعبر عنه، لأن الرسم موجود في أعماقي كما الشعر، وكما هو محفور في الكهوف والمعابد القديمة، كائن مستقل بذاته بل وظل ينافس الشعر عندي، كما لو أنهما طفلان يريدان الحياة، ولكل حقه في الحياة·

منذ طفولتي وأنا مغرمة بالصورة بمعناها العام، ثم بدأت أتأمل قدرة هذا الفن على تثبيت اللحظة في إطار ما، وبالتدريج ومع مرور الوقت يظل بعض هذه اللحظات التي تخلدها الصورة محتفظة بطاقاتها وقوتها التعبيرية، وهذا الغرام دفعني في سن كبيرة الى الاهتمام بما يسمى "المشهد" وعناصر تكوينه في اللوحة والقصيدة"·

وعن أثر التشكيل في الشعر لدى القاسمي تقول: "دخول الفن مع الشعر أعطاه مدى أوسع وإمكانات أكبر مما كانت عليه، دخول اللون والانسيابية والمساحات والفراغ والضوء، لقد أصبحت أعمل بشكل أكثر دراية للمحسوس اللوني والسطحي ولحسابات الفراغ والبناء والضوء والمساحات في القصيدة أيضا، بشكل يعطي قدرة على شحن كل قدراتي الفنية لصالح الشعر والعمل على اتزان اللوحة وشعريتها، وأقول بتجريدية أكثر: فتح التشكيل في لغتي الشعرية لغة التشكيل ذات الأدوات المخالفة لأدوات الشعر، علاوة على طقوس الفعل في كل منهما والتي تختلف في كل منهما عن الآخر"·

ثم فتح مقدم الأمسية زاهي وهبي باب الأسئلة والتعقيبات والمداخلات من الحضور·

بعد ذلك، طُلب من ميسون القاسمي قراءة بعض النصوص الشعرية بمشاركة زاهي وهبي والشاعرة البحرينية بروين حبيب، ألقى فيها مقدم الأمسية وهبي (الذي تحول الى المنصة) نصوصا نثرية جميلة، وجريئة، استنطق فيها الجسد الأنثوي وحاوره هياما وذوبانا الى أن أصبح "يضاهيه أنوثة" لشدة التوحد به·

وكشفت بروين حبيب في مشاركتها عن شاعرة متمكنة ذات لغة شعرية خاصة وشفيفة:

تحت هشيم غربتي

كالغيمة المنفردة، أعود شاهقة معك

لعلي أحاذر سخط المبعدين

وأضيء قلبك ساعة الهاوية·

وبـ "سرير يتيم" تعلن بروين حبيب عن فرحتها باللقاء:

أترك سريرك في يومه الأول

كما لو كان يسرق قلبي أغنية

أردية المقابر العتيقة تتمزق

في وهج سجادتك

أقيم

وأتوحد

لو أغادر نزق العود، صوت عزلتك

لو أعدو حيرة في دمك الصارخ،

واختلق لي فرحا

وفأسا لجسدي

وفضحت ميسون القاسمي في نص شعري طغت عليه السردية غرابة الرجل المجنون الذي تكشف في آخر النص أنه لا يحبها:

أغيِّر أنوثتي

بسير خفيف في الوداعة

ابتلع كثيراً من الغشم

قبل النطق

تسلمني يدك

نتحدث كخصمين

أقول: أستحق أن أحب أكثر

امرأة تحبك

تستحق أن تحبها أكثر

أُسقط من أجنحتي ريشة

كل يوم في مهدك

لم تجمع الجناح

لم أستطع الحصول على قلبك

ظننتك الأمير ذا الحصان الأبيض

يداعب فراشات ملونة

وحسبتك غرا يطفئ يومه بالليل

 

إرباك

الاستدراك الذي رتبه على عجالة القائمون على البرنامج الثقافي بإقحام المشاركتين الشعريتين لزاهي وهبي وبروين حبيب في أمسية مخصصة لتجربة ميسون القاسمي أربك الأمسية!

هل اكتشف المشرفون على البرنامج قبل "أمسية ميسون" بليلة فقط أن زاهي وبروين شاعران جميلان؟!

طباعة  

وتــد
 
لقطة
 
شعر
 
كلمة
 
"تعامل المستهلك الكويتي مع الوقت" في "العلوم الإدارية"
المجلة العربية للعلوم الإدارية "العدد الثالث من المجلد العاشر سبتمبر 2003"

 
خبر ثقافي