محمد بوشهري
السويدي ألفريد نوبل مبتكر الديناميت، بعد مرور الوقت تجلى له أن البشرية تسيء استخدام الديناميت في الحروب وتفجير الأبرياء، ولكي يقّوم ألفريد خطأ البعض ويكفر عن الاستخدام السيئ للديناميت، راح يفكر حتى تفتق ذهنه عن منح جائزة تعرف بنوبل، لكل من ينجز أبحاثا مميزة تخدم الإنسانية·
الأديب الإيرلندي جورج برنارد شو في عام 1925 عندما حاز جائزة نوبل في الآداب رفض قبولها في البداية، بيد أنه وافق على التكريم بعد ذلك ورفض الجائزة المالية وكان تعليقه: (إنني سأقبل هذا التكريم ولكن ليس لشخصي إنما لمصلحة شعب إيرلندا العظيم)·
تلك المقدمة أردت من خلالها أن أبين عظمة مكافأة المجتهدين في أعمالهم، وهذا ما حصل في الواقع الأسبوع الفائت حينما تفضل صاحب السمو أمير البلاد باستقبال أبنائه الطلاب والطالبات الفائقين في الثانوية العامة والمراحل الانتقالية وما في مستواها للعام الدراسي 2006-2007 نقلا عن الزميلة "القبس"·
إن حضور صاحب السمو كأعلى سلطة في البلد لتكريم أبنائه دليل على حرص سموه على دفع أبنائه نحو الاجتهاد وطلب العلم، والذي أسعدني شخصيا أن من ضمن الذين تم شرف تكريمهم هم أعزاؤنا من ذوي الاحتياجات الخاصة فهم لا يقلون أهمية عن نظرائهم، من العبارات والكلمات الجوهرية التي أطلقها صاحب السمو في ذلك الجمع المبارك بقصر بيان والتي أقتبسها من الزميلة "القبس"، عندما أكد سموه على أهمية تسلح الإنسان بالعلم والمعرفة لتكون اللبنة الأساسية والثروة الحقيقية في مسيرة التقدم والبناء للوطن العزيز، فضلا عن رغبة سموه في ضرورة أن يستمر أبناؤه الطلاب والطالبات الفائقون بالمثابرة للحفاظ على تفوقهم في المراحل اللاحقة من عملية تحصيلهم العلمي·
قبل أيام كنت في حوار مع أحد رواد الثقافة السيد علي الطبطبائي حول سبب تفوق الشعوب الغربية والذي وعدنا أنه سوف يلقي محاضرة حول أسرار "علو كعبهم"، شخصيا لا يخامرني الشك البتة ان سبب تقدمهم عنا، هو ليس نتيجة التزامهم بالنظم والقوانين فحسب، ولكن تقديسهم للعلم والعلماء وتشجيعهم على الإبداع وتوفير كل السبل لذلك، خلافا لعالمنا الذي لا تقدر فيه الكفاءات ولا تحترم، بالتالي تضطر للجوء إلى الآخرين حتى تحقق أحلامها ومنجزاتها وتفيد تلك المجتمعات على الأصعدة العلمية والاقتصادية، فأفلاطون عندما أراد أن يفيد طلابه ويوفر لهم الأجواء الدراسية المطلوبة أخذ بهم إلى بستان أكاديموس ومن هنا خرجت تسمية الأكاديمية المتداولة في وقتنا الراهن·
حقيقة بعد التطور الكبير لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ينبغي أن تواكب أممنا العربية والإسلامية تلك المراحل المتقدمة ريثما تلتحق أو تسير في ركبها، وقضية المناهج التقليدية التي تعتمد على مهارات الحفظ والتلقين دون أدنى شك هي سبب تأخرنا، لذلك فإدخال الحواسيب الآلية للاعتماد عليها في التعليم والشاشات الرقمية في الفصول المدرسية لاريب ترتقي بمستوى طلابنا الأعزاء وتشوقهم إلى حب العلم وضرورته، ناهيك عن أهمية وجود المختبرات الحديثة التي يقضي فيها طلابنا جل وقتهم·
من المعضلات التي يجب تلاشيها في المراحل القادمة إن شاء الله، هاجس القلق الذي يعتري أبناءنا المتفوقين أثناء الدراسة وبعد التخرج، فلا يعقل أن ينشغل هؤلاء بالتفكير في مصير وظائفهم إن كانوا سيعينون وفقا لتخصصاتهم أم في أماكن أخرى·
لا يختلف اثنان أن ما من أمة اهتمت بالتعليم والتشجيع عليه إلا قد كان لها قصب السبق بالنجاح والازدهار، ولذلك نقدم وافر الشكر والامتنان لصاحب السمو الذي أخذ على عاتقه تكريم أبنائه المتميزين وحثهم على مواصلة الاجتهاد، وكما يقول المثل: "المحكومين مرآة للحاكمين"·
***
أثناء السفر وبعده
لا شك أن معظم بني جلدتنا إذا كانت وجهتهم في هذا الصيف للدول الغربية يأخذون بالاعتبار جيدا مسألة الالتزام بالقانون والجلد والهدوء·
كل ذلك خشية من المحاسبة ودفع المخالفة وفوقها الزفة! وإلا لماذا كل هذا التناقض العجيب في استمرائهم لانتهاك القوانين حالما يعودون للوطن؟!
bushehri_33@hotmail.com |