رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 20 يونيو 2007
العدد 1779

أدب للنساء
مريم سالم

لعب الأدب النسائي العربي دورا كبيرا في تغيير الصورة النمطية عن المرأة المثقفة ولا سيما المبدعة منها، ويمكن القول إن الإبداع قدم جوازا مروريا كي تشهر المرأة شهادتها ضد من لم يعترف بخروج المرأة العربية من القمقم، والتي اختبأت فيه طويلا سدا للذريعة، وأحدثت باندفاعها نحو الصفحات البيضاء ضجيجا ناعما اثبت أن قدرتها على التعبير لم تفتر رغم تواريها، واستطاعت أن تطلق زفرات وآهات وعذابات الحالة التي مرت وتمر فيها المرأة العربية أينما كانت، لذلك غلبت على أكثر كتابات المرأة العربية المبدعة الطابع النسوي الذي ينصف وجودها ويبرر لغيابها، ولعل الأديبة الخليجية التي خرجت من عباءة المجتمع ساهمت هي أيضا في تقديم تنويعات أدبية شكلت جزءا من الصورة الكلية للأدب النسائي إلا أنها تحمل في صميم تجربتها خصوصية شديدة تتمثل في قيم المجتمع القبلي والقارئ يتلمس مدى عمق الشخصيات التي يطرحها الأدب النسائي في الخليج ولكن تبقى المعالجة في بعضها يفتقد إلى السلاسة فهناك الكثير من التحايل والرقابة الذاتية المفرطة فقط من أجل أن لا تشي هذه الكتابات بالجرأة في تسمية الأشياء بمسمياتها·

وبعيدا عن المعارك التي افتعلت نتيجة التصنيف الذي وضع كل ما تكتبه المرأة في خانة "النسوي" وكل الأدب الذي خطه الرجل في خانة "الذكوري"، فلا يزال إنتاجية الأدب النسوي متواضعا بشكل كبير مقارنة بإنتاجية الرجل، والكفة تميل لصالحه، بل إن بعض الأديبات اللاتي بادرن بالكتابة في تجربة غير مسبوقة في مجتمعاتهن قد انتهت تجربتهن قبل أن ترى النور، وانتهى مع هذا الخروج المبكر تجربة رائدة كان من الممكن أن تشكل فارقا في تاريخ الأدب والإبداع، وأجهضت مشروعات نهضوية، كانت تهدف إلى استنهاض همة المرأة المعطلة بخاصة حين شكلت هذه الكتابات أفقا رحبا لبعض النساء شعرن من خلاله بالتواصل مع أجواء جديدة وبأنهن غير معزولات، لكن في غمرة هذا الفقد لبعض الأقلام النسائية ذهبت كثير من الكتابات الذكورية والنسائية معا إلى طرح قضايا المرأة بزخم كبير وبتكثيف عال حين التقط البعض منهم وأشهرهم إحسان عبدالقدوس صورا دقيقة للمرأة العربية وافزع القارئ بقدرته على الولوج إلى نفسيتها والتحدث بصوتها، واشتغل على مفردة الحرية التي وطئت ارض العرب بتحررها من الاستعمار في حين بقيت المرأة بعيدة عن هذه القيمة التي شغلتها وحاربت من أجلها·

أما على صعيد الأدب العالمي فعصا السبق كانت أيضا للرجل، وخرجت الكتابات العظيمة التي أصبحت من منجزات التاريخ لتشهر في وجه القارئ شكلا جديدا للإبداع يقوم على فن الرواية الطويلة، ولعبت المرأة دورا في هذه الروايات ولكن اختلفت في موضوعاتها عن واقع المرأة العربية، ورغم أن الحرب العالمية الثانية قد رافقها الكثير من التحولات الإنسانية والسياسية الجذرية التي أدت إلى إنتاج ثقافي وأدبي ضخم لعبت فيه المرأة الأديبة والملتزمة سياسيا دورا هاما· إلا أن الكثير من الإنتاجات الأدبية النسائية الصادرة في هذه الفترة ظلت تعاني من التهميش وبخاصة في بلد كإيطاليا مثلا، في حين شكل الأدب النسائي في أمريكا اللاتينية علامة فارقة فقد ساهمت بعض الأقلام النسائية في كتابة هذا الفن ونالت حظا من الشهرة حين خرجت كتاباتهن لتتحدث عن الواقع السياسي والاجتماعي والفساد الإداري ولقد كتبت ايزابيل الليندي عن بلدها ومشاكله وعن الديكتاتورية وفي منفاها كتبت إحدى أروع رواياتها "منزل الأرواح" التي نالت بها جائزة "جابرييلا ميسترال"، وإذا مررنا بالأدب الفرنسي فسوف تطل أسماء كبيرة ومؤثرة فقد حملت سيمون دي بوفوار رسالتها للعالم حيث لعبت خلال مسيرتها الأدبية دورا رياديا في حركة تحرير المرأة، وقد انطلقت الكاتبة عند تشخيصها لوضعية النساء من تساؤل مشروع هو "من هي المرأة؟" لتحدد هويتها والتي وجدتها هوية مُستلبة، من اختلاق الرجل وحده·

وإذا عدنا للحديث عن الأدب النسوي بشكل عام سنجد أن الأسئلة هي ذاتها التي تؤرق الكتابات النقدية حول هذا الأدب تحديدا وتنطلق أغلب هذه التساؤلات من واقعية تشير إلى ماهية الكتابة النسوية؟ وهل ثمة مغايرة بين أسلوب الرجل وأسلوب المرأة في الكتابة؟ وهل يمكن الوقوف على سمات معينة للكتابة النسوية؟ وربما يلخص المؤلف محمود فوزي بعض الإجابات وبرؤية نقدية حين يرى أن التعبير عند المرأة تطور تطوراً كبيراً ومع ازدياد عدد الأديبات العربيات الشهيرات بدأت في طرح هذه الأسئلة والحقيقة أنها تقوم على غير فهم صحيح لطبيعة الأدب من ناحية، وعلى تأثر واضح بوضع المرأة القديم في المجتمع فالأدب من حيث مقوماته الفنية لا يمكن أن يختلف عند الرجل أو المرأة، ولا يمكن أن نسمي غير الأدب أدبا لمجرد أن كاتبه امرأة أو رجل ويقول الكاتب: شاعت ـ خطأ ـ مقولة "الأدب النسائي" رغم أن الكبار لا يحبذون هذا التعبير، فالعقاد يرى أن الأنوثة من حيث هي أنوثة ليست معبرة عن عواطف المرأة بل هي أدنى إلى كتمان العاطفة وإخفائها، فأين إذاً الخاصية التي تجعلنا نحدد أن أدبا ما هو أدب نسائي؟·· ويدلل الكاتب على تفوق رجال كتبوا وعبروا عن أحاسيس المرأة وكانوا أكثر جرأة وحساسية من حواء ذاتها، والنماذج متعددة أعمال احسان عبدالقدوس ومدام بوفاري لـ"فلوبير" واندرماك لـ"راسين" والأم شجاعة لـ"بريخت" وغيرها·

وتحت عنوان "مئة عام من الرواية النسائية العربية" كتبت الدكتورة بثينة شعبان دراسة شاملة تغطي الرواية النسائية العربية منذ أول رواية كتبت بالعربية وحتى اليوم، وتتناول الإنتاج الروائي النسائي العربي في جميع الأقطار العربية، ليكون عملاً عربيًا يرفض الحدود القُطرية التي يتبناها البعض في دراساتهم، ويكرّس وحدة المنشأ والهدف والمصير لهذا الأدب العربي العريق الذي يمثل أحد أهم سمات الوحدة بين الناطقين بالضاد·

وأول ما يميز هذه الدراسة هو أن الكاتبة لا تقارب الرواية النسائية العربية خجلى أو معتذرة كما درجت الكثيرات من بنات جنسها على القيام بهذا، ولا تأخذ بالمعايير التقليدية التي أصرّت أن المرأة تتعلم فنون الأدب من الرجل، وأن النادرات منهن قد يصلن إلى المنزلة التي وصل إليها هو بل تقرأ إنتاج النساء العربيات، وتكتشف أن المكانة الدونية التي نسبت إليهن في الأدب ناتجة عن جهل أو تمييز النقاد، وهذه دعوة تفاؤل لكل الأقلام النسائية الواعدة·

�����
   

نظرة عامة في العلاقات الخارجية الأمريكية:
د. نسرين مراد
الدقائق الأخيرة:
فهد راشد المطيري
ملوك الطوائف الجدد:
علي عبيد
حكومتان لكل بلد عربي:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
سؤال قد يكون وجيهاً:
على محمود خاجه
"استقل وارحل...
نصائح بالمجان":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
الوعي المزيف والوعي الواقعي:
فيصل عبدالله عبدالنبي
استجوبوا الحكومة عن الخيار والطماطم كي لا تجزع !:
محمد بو شهري
الدوائر الخمس ومواقف النواب:
أحمد سعود المطرود
عام الحوار الثقافي:
ياسر سعيد حارب
يا الجارالله خاف الله:
المهندس محمد فهد الظفيري
حكومات الخيانة والإرهاب:
عبدالله عيسى الموسوي
أدب للنساء:
مريم سالم
بين العصر الحجري والعصر الدموي:
الدكتور محمد سلمان العبودي
احترام العقل الإنساني:
د. محمد عبدالله المطوع