أحد الأصدقاء حكى لي قبل سنوات قصة بزته العسكرية التي كانت تحقق له الكثير من الأمور في تسيير أعماله ومصالحه في الدوائر الحكومية والمحال التجارية، المفارقة أن الصديق يقول حينما كنت أغادر المنزل ولم أكن مرتديا للباس الرسمي أكتشف أنني قد افتقرت إلى الكثير من مظاهر الهيبة والأبهة؟! ولدرجة أنني كنت أفكر بأنني لا أبرح زيي العظيم نهارا وليلا وعند المبيت حتى أكون على نفس القدر من الثقة والتقدير من قبل الآخرين ونفسي! بالمناسبة في فرنسا بعدما يتعاقد العسكري ينضم الى دورة ولمدة 6 أشهر حتى يتكيف مع حياته المدنية الجديدة·
نعود لصلب الموضوع وعنوان المقال، حقيقة من المؤسف أن يكون تقييم البعض واحترامهم للبشر فقط عن طريق الحكم على هيئاتهم بدلا من أن يكون على مواقفهم وأقوالهم الرصينة والمنطقية، فكم واحد استطاع أن يستغفل الناس من خلال مظهره وأفعاله الخادعة وشعاراته الطنانة الفارغة؟ يقول الكاتب والشاعر الإنجليزي جون دريدن: (لا تنخدع باللباس أو المظهر، فمن أراد البحث عن اللؤلؤ فليغص إلى الأعماق)· قبل أيام التقيت بأحد أصحابي الذي فاجأني بلحيته الكثة! فسألته عن المغزى في ذلك؟ فأجاب يا عزيزي لدي مصلحة عند إحدى الجهات المتزمته ولا تقبل معاملتي إلا إذا كنت على هذه الصورة! أمانة لا نعلم إلى متى سوف يكون الحكم على عوز البعض أو مصداقية البعض الآخر من خلال لحاهم أو أثوابهم أو السبحة أو نوعية وعدد الخواتم التي يضعونها في أيديهم؟ الطامة الكبرى أن الادعاء بالمظاهر الغشاشة ولبوس الدين لا تختصر على الأفراد العاديين، فلقد أضحى العديد من الأشخاص والساسة يمتطون صهوة الدين حتى تتحقق لهم مراميهم الكاذبة، وخير دليل ذلك التكتل النيابي الزئبقي المستربل برداء الدين والدين منه براء، وزير خارجية مصر الأسبق أحمد ماهر يقول: "الدين هدفه بناء الإنسان الصالح الذي لا يكذب ولا يخدع، ويجتهد في عمله وفكره ولا يفرضه على الآخرين"، المتابع لتاريخ تكتل حركة الحركات غير الدستورية، يجد أن ذلك التجمع منذ بلية الغزو البعثي وموقفهم السيئ منه وإلى يومنا هذا لم يبلوا بلاء حسنا ولم يكونوا عند مستوى طموح الجماهير المتعطشة للإصلاح إلا ما ندر وفقا لمصالحهم الانتخابية، وذلك مثلما وجدناهم في العام الماضي من مسألة تقليص الدوائر الانتخابية الى الخمس بعدما أضحوا في موقف لا يحسدون عليه·
في الواقع لا أدري إلى متى سوف يستمر تجمع حركة الحركات في نيل قلوب مريديهم؟ ولا سيما بعد انفضاح أمرهم في أكثر من شأن؟ وكان آخرها دفاعهم وتبريرهم لساحة وزير النفط الحالي بعد اعتذاره لتصريحاته المؤسفة في امتداحه للمتهم الخامس في قضية الناقلات "لو عرف السبب لبطل العجب"! نتمنى في المقبل من الأيام أن يكون فيه التقييم لجوهر الأنام من خلال مواقفهم··· فالحياة موقف، أما المظاهر والمفردات العذبة ليست دائما معيارا ومقياسا للحكم على مصداقية وأمانة من نلتقي·
* * *
فليقدم وزير النفط استقالته
لو كنت محل وزير النفط الشيخ علي الجراح لتقدمت باستقالتي خصوصا بعد تصريحه الذي قال فيه بأن المتهم الخامس في قضية الناقلات أستاذه ومستشاره، أي مازال الشيخ علي الخليفة يدير شؤون وزارة النفط!
دجل ونفاق الإدارة الأمريكية
في صيف العام الماضي الإدارة الأمريكية لم تدخر جهدا في دعمها للصهاينة بالسلاح والغطاء السياسي في حربهم ضد لبنان الشقيق والجريح، اليوم سبحانك يا مغير الأحوال أضحت الإدارة الأمريكية ترسل السلاح لنجدة الأشقاء في قتالهم ضد جماعة ما يسمى "بفتح الإسلام" يا جامعة الخير المسألة وما فيها أن الأمريكان يبحثون عن موطئ قدم في لبنان لإقامة قاعدة عسكرية هناك وأيضا من أجل نقل الصراع للتقليل من خسائرهم الفادحة في العراق الشقيق والمكلوم·
freedom_2002_33@hotmail.com |