بعد كل تلك السنوات التي مضت على وضع الدستور وبعد كل تلك المراحل التي قطعناها في الممارسة النيابية والدستورية إلى أن رسخت الأمور واستقرت في أذهان الناس وأصبح التخلي عنها ضرباً من ضروب الخيال لدرجة أصبح كل المواطنين يستنشقون الحرية والديمقراطية والمشاركة الشعبية، أقول بعد كل تلك السنين يأتي الآن من يلوح ويهدد ومنذ فترة بحل غير دستوري لمجلس الأمة، وإدخال البلاد فيما لا تحمد عقباه فالكل يعلم ماذا حصل إبان حل مجلس الأمة والمجيء بالمجلس الوطني "المسخ" منذ سنوات مضت ولا نريد الرجوع للماضي فقد ولى بغير رجعة·
لكن السؤال: لماذا دائما تخويف الناس والتهديد والوعيد هل الدستور منحة؟ أم هبة؟ أم ماذا إذا أردنا أن نملك أو نقيم الوضع سنجد أن الدستور جاء نتيجة ممارسات وضغوطات شعبية متكررة، بل صدامات بين الحاكم آنذاك والنخب الوطنية والتجارية ونتيجة لتلك الأمور مجتمعة جاء المغفور له الشيخ عبد الله السالم بالمشاركة والمشاورة مع أعضاء المجلس التأسيسي الممثل للأمة آنذاك ليقرر وضع دستور دائم للبلاد ينظم السلطات جميعا وأصبحت السيادة للأمة·· وبعد وفاة المغفور له عبد الله السالم حاول البعض الوثوب والقضاء على الدستور وإلغاء المشاركة الشعبية بحجج وأعذار واهية، ولكن إرادة المواطنين كانت دائما بالمرصاد لكل من يريد الانفراد بالسلطة· اليوم ومع الأسف الشديد وفي الذكرى السنوية الرابعة والأربعين لإصدار الدستور يبدو أن هناك من يريد حل مجلس الأمة حلا غير دستوري، ما هي الأسباب والدوافع والظروف هل هو نوع من التخويف والإرهاب كالعادة، أم أنها رغبة حقيقية لترتيب أمور وخلق كيانات بعيدة كل البعد عما يدور في خلدنا؟ حقيقة لا نعلم، لكن الذي نود أن نسأله لحكومتنا الرشيدة: لماذا هذا الصمت المطبق؟ الكل يتحدث ويحلل، الصحافة والدواوين والمنتديات ومؤسسات المجتمع المدني الكل، الكل بلا استثناء والحكومة في سبات عميق لا أسمع لا أرى لا أتكلم، أين الناطق باسم الحكومة أين الوزراء؟ وتحديداً أين وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة؟ الكل نائم؟ يا إخوة يا أعزاء، بدون دستور ومجلس أمة لا يمكن أن نكون دولة، ستعم الفوضى وينتشر النهب والسلب وتطغى السلطات على بعضها ويعم الفساد ونصبح في غابة يأكل فيها الكبير الصغير والقوى الضعيف، فالعالم الآخر والحقيقي قد قطع أشواطا من العلم والتكنولوجيا والتقدم بفضل ماذا بالحرية والديمقراطية وإرساء دائم لمؤسسات المجتمع المدني، العالم يتقدم خطوات ونحن نتراجع عشرات الخطوات، العالم ينشئ كيانات اقتصادية وسياسية عملاقة ونحن الى الآن نغني "ياك الذيب"· |