| في بداية تأسيس النظام السياسي الأمريكي مكث المؤسسون الأوائل لأمريكا عدة سنوات لمناقشة الدستور ووضع بنوده فكانت بداية إعلان الاستقلال من الاستعمار البريطاني وانتخاب أول رئيس أمريكي جورج واشنطن من (1776-1789) حيث تم بهذه الفترة مناقشات ساخنة حول كيفية البنية الأساسية لاتحاد الولايات المتحدة الثالثة عشرة آنذاك وانتهت هذه الفترة بكتابة الدستور وجاءت قيمة هذا الدستور في أوج مجده بعد أكثر من قرنين من وضع لبناته، ولم يتم التعديل سوى في بعض من بنوده والالتزام بعدم تعديل جوهره وشموخه مثل حرية الرأي، وحرية اختيار الدين في أول بند من الدستور، حيث تنص المادة على· "لا يجوز للكونغرس أن يشرع لمصلحة ديانة بعينها أو يمنع أي ممارسة دينية مهما كان نوعها أو التضييق على حرية التعبير أو الصحافة أو حرية الشعب في التجمعات السلمية أو حقهم في تقديم شكواهم للحكومة ضد ما يرونه ضارا بهم"·
والنظام الأمريكي نظام فيدرالي رئاسي تشريعي ديمقراطي جمهوري يعطي كل ولاية درجة شبه كاملة من الاستقلالية ويقف النظام الفيدرالي على الأعمدة التقليدية الثلاثة: التشريعي (الكونغرس) التنفيدي (البيت الأبيض) القضائي (المحكمة العليا)·
وبطريقة مشابهة يتكون نظام كل ولاية من كونغرس وحاكم تنفيذي وكذلك محكمة عليا أي نظام خاص للولاية·
والانتخابات العامة لا تشمل سوى السلطتين التشريعية والتنفيذية ويتم ترشيح القضاة من قبل الرئيس على أن يتم اعتمادها من قبل مجلس الشيوخ وسبب هذا الترشيح هو عدم تعريض القاضي لظروف قد تقوده للتلون والتغير في مواقفه حسب الأجواء السياسية، ويتكون الكونغرس الأمريكي من مجلسين: الشيوخ والنواب ويعتبر مجلس الشيوخ هو الأكبر ومجلس النواب هو الأصغر سلطويا والكونغرس يستمد قوته من حيث مكانه في العاصمة وبشعاره "من الشعب ومن خلال الشعب ومن أجل الشعب"·
ولأن مكانه واشنطن نسبة لأول رئيس لأمريكا وأول مؤسس وتقديرا لدوره كقائد عسكري ضد الاحتلال البريطاني·
ويختلف نظام الكونغرس الأمريكي عن النظام البرلماني بإعطائه درجة عالية من الاستقلالية للأعضاء أثناء التصويت على أي تشريع، حيث تكون مصلحة الناخبين من خلال الحزب لذا من الطبيعي أن يصوت عضو الكونغرس ضد التوجه العام لمصلحة حزبه في تشريع، معين وذلك حسب ما يمليه ناخبو الولاية التي يمثلها عليه إذا كان سيناتورا أو عضوا في مجلس النواب أو إذا كان يمثل مقاطعة، وشهدت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء 7 نوفمبر 2006 انتخابات ذات أهمية قصوى خاصة للرئاسة حيث فقدت الأغلبية الجمهورية في المجلسين مما يجعل منه رئيسا كسيحا لسنتين مقبلتين حيث أن فوز الحزب الديمقراطي بأغلبية المقاعد للمجلسين بعد غياب دام اثنتي عشرة سنة ماضية سوف يقيد هذا من سياسة الولايات المتحدة وخاصة للشرق الأوسط حيث كان موضوع العراق الشغل الشاغل للناخبين ومن أولوياتهم بالمطالبة وهذا سوف يأتي بأجندة ديمقراطية دامت اثنتي عشر سنة معلقة·
وتحدث الانتخابات التشريعية مرة كل عامين وتكون في أول أيام شهر نوفمبر وتشمل جميع أعضاء مجلس النواب وحوالي الثلث من أعضاء مجلس الشيوخ أما هذا المجلس تعود تسميته الى اللغة اللاتينية ويعني "عقلاء وكبار قوم" The Senate ويتكون هذا المجلس من ممثلين اثنين لكل ولاية حيث يتكون المجلس من مئة عضو يمثلون الولايات الخمسين ولا يوجود ممثل عن العاصمة لأنها ليس ولاية ولا يوجد ممثلون كذلك عن بعض الجزر لأنها تعتبر حدودا وليست ولايات ويعتبر هذا المجلس الأكبر تأثير في القرارات لأن الصلاحيات الممنوحة أكبر من صلاحيات مجلس النواب كما أن صغر أعضائه مقارنة بمجلس النواب وطول الفترة الانتخابية (ست سنوات للفترة الواحدة مقابل سنتين فقط لعضو مجلس النواب) ويمنح أعضاءه فرصة أكبر للتفاهم لحل القضايا المطروحة ويعتبر نائب الرئيس هو رئيس مجلس الشيوخ، وقليلا أو نادرا ما يرأس أي جلسة إلا في حالة التعادل بالأصوات حول تشريع معين بمعنى 50 صوتا مقابل 50 صوتا فإن صوته هو الحاسم ويكسر التعادل وفي الجلسات اليومية يترأس الجلسة من يعرف بزعيم الأغلبية وهو قائد ممثلي الحزب صاحب الأغلبية·
أما مجلس النواب ويعرف باسم مجلس الشعب من اسمه بالإنجليزي وذلك لأنه أكثر التصاقا بهموم الشعب من مجلس الشيوخ كما أن هذا المجلس عضوه يمثل عدة مقاطعات صغيرة جغرافيا ولا يتجاوز عدد سكانها 500 ألف شخص يلعب هذا املجلس دورا كبيرا أيضا قد يفوق في بعض الأحيان مجلس الشيوخ فهو على قدم المساواة بالإصدارات التشريعية حيث لابد من أي تشريع أن يعتمد من قبل هذا المجلس بالإضافة لمجلس الشيوخ كما أن رئيس مجلس النواب هو ثالث شخص في البيت الأبيض بمعنى أنه لو مات الرئيس ونائبه فإن رئيس هذا المجلس يصبح تلقائيا رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية لفترة الانتخابات الرئاسية القادمة وأن هذا المجلس يتكون عدد أعضائه من 435 عضوا يمثل كل ولاية عددا مختلفا حسب سكان الولاية·
أما الرئاسة الأمريكية فتجري الانتخابات مرة كل أربع سنوات ولا يجوز أن ينتخب الرئيس أكثر من فترتين متتاليتين أي ثماني سنوات ويكون الرئيس المنتخب رئيسا للدولة والوزراء والقائد الأعلى للقوات المسلحة ولا يقل عمره عن 35 عاما ويكون من مواليد أمريكا وكذلك ينطبق على نائبه، أما النظام المحلي للولايات، وعمدة كل مدينة رئيسية في الولاية والمجالس البلدية والمحافظات التي تتكون منها لكل ولاية وكذلك القضاة المحليون يتم ترشيحهم من قبل الحاكم ومن ثم اعتمادهم من قبل مجلس شيوخ الولاية ويعتبر نظام كل ولاية فيدراليا مشابها لنظام الدولة الرئاسي وبمعنى استقلالية كاملة للولاية·
rajmi@hotmail.com |
