الكثير منا شاهد في الأسبوع الفائت تكملة لجلسات محاكمة الطاغية صدام وأعوانه السبعة، المتابع والمهتم بسير تلك الجلسات لا شك قد انتابه الضجر والملل، ولاسيما من أسلوب اللف والدوران الذي لجأ إليه الجلاد وأخيه غير الشقيق برزان التكريتي، ولا نعلم ما المعنى الحقيقي للاسم برزان في اللغة العربية؟ ربما هو البرزان الذي كان يوقظنا من النوم أيام مدرسة الأغرار في الجيش والذي لم نجن من وراء تلك المدرسة أي استفادة تذكر، على كل نعود للشقيين بالذات اللذين ينبغي أن يستجوبا عن جرائمهم البشعة في حق الأشقاء العراقيين، إذ نجد أنهم أضحوا وبتماد يتلبسون بلبوس الضعف والمسكنة واستدرار شفقة وحنو قاضي المحكمة! ناهيك عن سعيهم لاستقطاب دعم العوام من السذج في الشارع العربي العريض وأشباه المثقفين المرتشين· علاوة على تلك الظروف التي رافقت جلسات المحكمة، نلاحظ أن النمط الذي يسلكه التعيسين، هو استنزاف وقت المحكمة والشطط والابتعاد عن صلب موضوع مذبحة الدجيل والتي راح ضحيتها 148 شخصا عام 1982، وإلا بماذا نفسر أو نعلق على محاولة صدام وأخيه تسييس المحكمة والخوض في قضايا تاريخية لا علاقة لها بالتهم الموجهة إليهم؟ الأنكى من كل ذلك عندما تطاول برزان على التسعة من شهداء الدجيل بنعتهم بالكلاب!! وللأسف القاضي أو ثلاثي الادعاء لم يعترضا على تلك العبارة السمجة ولم ينطقوا ببنت شفة؟! وفي السياق نفسه نتساءل هنا: أليس اعتراف المتهم باقترافه التصفية في حق هؤلاء التسعة يعتبر سيد الأدلة؟ وهذا ما أفشى به برزان، عندما قال عن جريمته بأنه عبد للمأمور ووظيفته تنفيذ الأوامر·
ما زاد في الطنبور من نغمة النشاز، حينما كشف الديكتاتور عن بطولاته الزائفة، والتي تتعلق بتصديه للقوات الأمريكية في أثناء حرب إسقاط نظامه النتن داخل وخارج أسوار بغداد، يقول صدام المصدوم أنه في اليوم الأول لدخول القوات الأمريكية الى بغداد حمل القاذفة وتوجه بالقرب من مسجد أم الطبول، ولكن دبابات الأمريكان استدارت قبل وصوله بدقائق، مشيرا الى نائبه طه ياسين رمضان الذي أخبره بذلك وطالبه بالتخلي عن محاولته الانتحارية!! في حقيقة الأمر لو أن الأمريكان لم يلقوا القبض عليه ويخرجوه من حفرته كالجرذ الأجرب، لربما سلمنا بتلك الحبكة، ولكن الصور التي رأيناها تكذب مسيلمة الدجال·
المزعج والمؤسف في الآن نفسه، أن مذبحة الدجيل وهي من أولى القضايا التي تعرض على المحكمة قد بددت من وقت المحاكمة، سواء في ترحيل مواعيد الجلسات الى فترات زمنية متباعدة أو في خطابات وترهات سياسية ساقطة من قبل المتهمين، ترى متى يحين موعد باقي القضايا والتي تمتاز بأنها أكثر سخونة من الأولى؟ ناهيك أن العراق في مراحله الأولى بالتلذذ بثمار الديمقراطية والعدل والحرية، ومثل تلك المحاكمات والمماحكات قد تثير الشجون والشك والريبة لدى الأشقاء العراقيين من حيث اتجاه مسار الجلسات المقبلة وكيفية الحزم مع المتهمين والجدية في التعامل مع الحقائق والوقائع التي ترد على لسان الشهود والمشتكين·
لا ريب أن معظم الأغيار وأرباب الفهم والإدراك قد سرهم مشاهدة الطاغية وأزلامه في قفص الاتهام، والباعث الأكبر على الحبور والفرح، أن تلك الجلسات تنقل عبر الفضائيات الغربية أيضا، ليرى الغرب حجم تعاسة وتخلف دول العالم الثالث، نتيجة لتحكم هؤلاء الطغاة في مقدرات الشعوب وتحديد مصائرهم·
مجرد أمنية
الفال لباقي طغاة العصر وأعوانهم ومن يدعمهم أو يتعاطف معهم، وخصوصا الطغاة الذين يتسترون برداء الدين ويزعمون أنهم ظل الله على الأرض·
freedom@taleea.com |