"أضواء على معالم محافظة كربلاء" للكاتب محمد النويني هو أحد الكتب التي اشتريتها من أبي خلدون السيد صبيح داود الموسى، وهذا الكتاب صدر في العام 1971، أي بعد مجيء البعثيين بثلاث سنوات، حيث كانوا في المراحل الأولى من حكمهم ولم يتمكنوا بعد من الإطباق على الأوضاع بشكل تام، وبالتالي كانت هناك مساحة للحرية في الحديث عن أمور غير سياسية كالحديث عن محافظة كربلاء ومراقدها المقدسة وأبرز رجالاتها وعائلاتها المشهورة وعشائرها المهمة، وقد قدم للكتاب مجموعة من الشخصيات من بينهم شبيب المالكي محافظ كربلاء البعثي الذي أكد "أن حكومة ثورة السابع عشر من يوليو ستدعم كل جهد أدبي وعلمي وترعاه"!!
ويتعرض الكاتب لنفائس الصحن الحيدري، فيذكر مما يذكر مصحفين خطا بيد الإمام علي وابنه الحسن عليهما السلام، وسجادة إيرانية من هدايا الشاه عباس الصفوي، وأخرى أرضيتها فضية قد نقش فيها ثلاثة محاريب، وتعتبر أثمن سجادة في العالم، وغطاء لقبر لا يقدر بثمن تبرع به عضد الدولة البويهي، وتاجا ذهبيا كبيرا محفوظا داخل فانوس أُهدي من قبل الأميرة بنت نادر شاه، أما أغرب ما يذكر المؤلف فحبة الرز تلك التي كتبت عليها سورة الإخلاص محفوظة في صندوق مصحف الإمام علي ومعها عدسة خاصة لقراءة السورة المكتوبة عليها، أما حفظ هذه الكنوز فهي متروكة للسدنة ويسمون بالكليدار "أي حامل المفتاح" وهي مهنة قائمة في عائلات معينة أشهرها آل الرفيعي، الذين كانوا يتولون السدانة عند وضع الكتاب·
ويورد المؤلف أسماء بعض المساجد التاريخية "التي تظهر كثيرا في الأخبار هذه الأيام" كمسجد الكوفة ومسجد السهلة وسدنته من قبيلة خفاجة العربية يعرفون بآل السهلاوي، ومسجد الطوسي، الذي أعيد بناؤه من قبل السادة آل بحر العلوم ويؤدي فيه العلامة محمد تقي بحر العلوم صلاة الجمعة، ومسجد الهندي حيث مكتبة السيد محسن الحكيم ومقبرته، ولا ينسى المؤلف ذكر مقبرة وادي السلام التي كانت مساحتها أيامه 35 كم مربعا، والتي يحرص الشيعة على دفن موتاهم فيها من جميع أنحاء العالم، ولتقدير عدد الموتى الذين يدفنون فيها يذكر المؤلف أن الرحالة الدنماركي "كرستيان نيبور" الذي زار النجف في العام 1765 قدر عددهم بألفين سنويا، أما في أيام المؤلف، أي قبل نيف وثلاثين عاما، فقد قدر العدد بـ 25 ألفا سنويا، وحرص الشيعة لا يقتصر على دفن موتاهم هناك بل زيارة العتبات المقدسة أيضا، ويورد لنا المؤلف معلومة طريفة عن عدد زائري هذه العتبات في العام 1970 والبالغ 800 ألف في حين أن عدد من حجوا الى بيت الله الحرام في مكة بالسنة نفسها بلغ 500 ألف!! ترى، كم يفصح هذا الرقم الكبير عن مستقبل زاهر للسياحة الدينية في العراق حينما تستقر الأوضاع؟!
أما أطرف ما في الكتاب، فهي تلك القوائم التي يوردها المؤلف ذكرا لأبرز رجالات محافظة كربلاء ومناصبهم في الدولة العراقية، وأطرف تلك القوائم قائمة الوزراء من أهل كربلاء الذين يتصدرهم السيد محمد مهدي بحر العلوم والدكتور سعدون حمادي!!
alyusefi@taleea.com |