هو ذلك الرجل الأحمق·· والرجل الأحمق هو الثرثار الذي يجيب عن شيء لم يسأل عنه، وهو من يتحدث فيما لا يعنيه ولا يفقه فيه، وهو من ينتقد كل شيء ويريد إصلاح كل خطأ من دون أن يبادر بأي خطوات عملية إصلاحية ملموسة، وله من الفلسفة ما لفلاسفة التاريخ من رؤى ووجهات نظر، كما أنه من أشد المعارضين للسياسات القائمة في البلاد، ومن أكثر المستنكرين للظواهر الاجتماعية السلبية التي يزخر بها المجتمع، ولكنه في النتيجة النهائية يتصف بشراسة الجنرالات في الحديث والكلام، وخجل النعام وجبنه وخيبته في تطبيق ما كان "معور راسنا فيه"·
وعندما نشير الى هذا النوع من الرجال - الذي نسخر منه بنعته "جنرالا" - نرى أننا نملك ما نملك من هذا المثال السيئ والمقيت، ونجد أن ظاهرة جنرال المقاهي والديوانيات تصل الى ذروتها في موسم الانتخابات البرلمانية، فالجميع في هذه الفترة سياسي محنك، ومحلل محترف لمجريات الأمور، وفقيه انتخابي يعتمد عليه لقلب نتائج الانتخابات، ومتى ما خرج الجنرال من المقهى أو الديوانية أو أيا كان مكان التجمع، لا يحرك ساكنا ولا يسعى الى تطبيق ما كان يتفوه به، فعلى سبيل المثال عندما يلعن من يبيع صوته الانتخابي ويحقر من هذا التصرف، تراه أول من يبيع نفسه لمرشح غير محترم، وذلك لأنه هو بذاته غير محترم·
وبطبيعة الحال صاحبنا كثير الكلام، وعندما تلتقي به للمرة الأولى تعتقد أنك أمام شخصية فاعلة جديرة بالاحترام والمساندة، وللأسف بعد معرفته بشكل جيد تكتشف أنك قد أضعت وقتك وتفكيرك مع إنسان أفضل ما يوصف به هو أنه خدعة·
وجنرالات المقاهي قد يكونون أناسا مثقفين أو أصحاب شهادات عالية ومراكز مرموقة، وربما يكونون من الفاشلين على جميع المستويات، ولكنهم يستخدمون أسلوب الجنرالات لوضع أنفسهم في برواز فضي لامع للضحك على ذقون الملأ أو لملء فراغ أو لتعويض نقص، فعندما تواجه عزيزي القارئ جنرالا في مقهى أو ديوانية - وأنا متأكد من ذلك - ابتسم في وجهه وألزمه أذنا صماء وعينا عمياء، أو إن كنت من ذوي الدم الحار قل له أن يخرس فمه "أحسن له"، كفانا الله وإياكم هذا النوع من البشر وأبعدهم الله عنا لأنهم يغثون·· اللهم آمين·
|