أفضل تعبير عن توقيع اتفاقية "واي" الثانية التي انتهت في شرم الشيخ هو ما قاله البعض: إن "المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية تشهد تقدماً كلما تنازل الفلسطينيون"·
ولقد تنازل الفلسطينيون هذه المرة عن أهم ورقة لديهم وهي التهديد بإقامة دولة فلسطينية حيث وافقوا على تقييد حقهم في إعلانها بمداولات وقرارات لجنة ثلاثية يكون طرفاها الآخران إسرائيل والولايات المتحدة! وهذا يعني عملياً عدم إقامة هذه الدولة التي طالما هدد عرفات بإقامتها وجعل القدس عاصمة لها!
ويرى المراقبون أن عرفات كان يتدخل في كل مرحلة من مراحل المفاوضات لصالح اليهود وذلك بالتنازل عن التشدد الذي يبديه المفاوض الفلسطيني، بل إنه تنازل حتى عن المطالبة بزيادة عدد المفرج عنهم من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، مما جعله يختلف حتى مع شريكه في الاستسلام صائب عريقات الذي كان يتلقى السهام من عرفات حيث إنه كلما تشدد مع الوفد الإسرائيلي وأصر على نقطة معينة جاءه الرد من عرفات بالموافقة على الشروط الإسرائيلية والتنازل لهم وفق ما يريد الإسرائيليون!
ولقد كان التنازل الثاني حين قبل عرفات باعتبار أراضي الضفة الغربية أرضاً متنازلا عنها وليست كما كانت تسمى "أرضاً محتلة"، وعلى الرغم من الاختلاف الكبير للمعنى القانوني لكلا الاسمين إلا أن عرفات وبتنازله عن المسمى الثاني قد أعطى اليهود هدية ثمينة لم يكونوا يحلمون بها، بل إنه وجه لطمة حتى إلى قرار مجلس الأمن (242) الذي يعتبرها أراضي محتلة من قبل إسرائيل·
وبالتالي فإن هذا الاتفاق خطا بالفلسطينيين خطوة أخرى إلى الخلف وتراجعوا حتى عن اتفاقية أوسلو الموقعة عام 1993· |