أقسم بالله أننا لسنا ضد عمل الخير إذا كان فاعل الخير قاصدا مرضاة الله سبحانه وتعالى، فالعرب هم أمة الخير وأهل الكويت بالذات جبلوا منذ القدم على فعل الخير قبل ظهور النفط في بلادهم ثم زاد فاعلو الخير بعد أن أنعم الله عليهم بالرخاء الذي عم أغلبهم، مما جعل سبل عطائهم الخيري تتعدد على الصعيد الأهلي والرسمي·
وقد أنشأت الكويت "الصندوق الكويتي للتنمية العربية" في مطلع الستينات، وأظن أن أهدافه لا تخفى على الجميع وهي بالتالي مستمدة من اسمه·
ثم بعد ذلك تعددت سبل عطاءاتهم الخيرية فأنشأوا الكثير من الصناديق والمؤسسات والبيوتات الخيرية، وكلها - إن شاء الله - تصب في ميزان حسناتهم·
وقامت بعد ذلك الجهات المعنية وهي وزارة الشؤون ووزارة الأوقاف وجمعيات النفع العام المعنية وفروعها ولجانها بوضع حد أدنى من التنظيم لضبط هذا النشاط على كل مساراته وقننت شرعية البعض وأغلقت البعض الآخر لعدم شرعيته وهويته، وفعلا نظفت شوارع الكويت وساحاتها الرئيسية وأسواقها الكبرى وتمت إزالة الخيام و"الكرافانات" وعشش الصفيح المقامة أمام أغلب المساجد الكبيرة والمجمعات التجارية، كما تم رفع الحصالات من المحال التجارية في كل أنحاء الكويت·
لكن في شهر رمضان الحالي عادت الى الظهور صناديق زجاجية غير مشروعة وضعت أمام مداخل المحال التجارية ودور العبادة، وقد وضع بداخلها عملات كويتية من جميع فئات النقد الكويتي "كربيطة" للتسول غير المشروع، ووقف الى جانب كل صندوق زجاجي رجل يعتمر العقال والغترة ليعطي لنفسه ولصندوقه المصداقية والهيبة والشرعية، ولم يكتف بذلك بل أخذ ينادي على الداخل والخارج من عباد الله، وبإلحاح سمج، وإذا استجاب المرء له أخذ يقص عليه حكايات ظاهرها الرحمة وباطنها النفاق والثرثرة، وقد يقدم لك ورقة عليها شخبطة باسم الشيشان أو غيرها من المناطق الملتهبة في العالم الإسلامي وهي - ما شاء الله - كثيرة، قاصدا بها التأثير على الزبون بدفع نصف دينار نظير هذه الورقة الفارغة، وكل الحكايات من بدايتها الى نهايتها ملفقة وهي تسول في تسول·
والجميع يعلم أن التسول بكل أشكاله ممنوع وفقا للقانون، لكن قرارات المنع دفنت قبل أن يجف حبرها وفقدت قيمتها لأنها لم تجد من ينفذها ويفعلها ويطبقها لكي يرتاح عباد الله من إحراج ومضايقات هواة التسول· |