رددت وسائل الإعلام المصرية بصدد مهرجانات عام 2000 الزعم بأن تاريخ مصر يمتد إلى سبعة آلاف سنة، ولا أعرف شيئا تنسب إليه بداية تاريخ مصر في عصرنا هذا، فقد كان السادات أول من استعمل هذا العدد· فالثابت عند المؤرخين وعلماء المصريات على حد سواء أن بداية تاريخ مصر كدولة واحدة يحكمها فرعون واحد "مينا" كان في عام 3200 قبل الميلاد· فإذا أضفنا الألفين نكون حاليا في الألف السادس· وقد عرف المصريون من أقدم العصور السنة الشمسية وحددوها بدقة 365 يوما وربع اليوم، وكانت السنة تبدأ بعد تراجع مياه الفيضان وكانت السنة مقسمة إلى اثني عشر شهرا، والشهر طوله ثلاثون يوما، وكانت نهاية السنة أيام النسيء وموسم الأعياد خمسة أيام في ثلاثة أعوام متوالية وستة أيام في السنة الرابعة، وقد عايشنا في مصر أسماء الشهور المصرية القديمة "مع بعض التحريف أحيانا" في التقويم القبطي· ويقول علماء المصريات إن التقويم المصري أفضل من أي تقويم عرفته البشرية، وقد يدهش القارىء إذا عرف أن ما يسمى التقويم الميلادي لم يستقر في أوروبا "مصدره الأول والوحيد" إلا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وذلك رغم أن بدايته كانت في عصر الرومان لكن صوره الأولى كانت مضطربة وتحسب بطرق مختلفة، ثم تحسن الوضع بظهور التقويم "اليولياني" نسبة إلى يوليوس قيصر، ولكن اتضح أن هذا التقويم يجعل الشهر الواحد يأتي في فصول مختلفة، وقد أثار هذا الوضع مشكلة كبرى عند كنيسة روما مدارها كيف تثبت عيد الفصح وقيامة المسيح المعروف عالميا بأن أحداثه كانت في فصل الربيع، وتصدى لحل هذه المشكلة مستعينا بفلكيين أكفاء البابا جريجوريوس الثالث عشر في النصف الثاني من القرن السادس عشر، ومع ذلك لم ينتشر التقويم الجديد بشهوره المختلفة في عدد الأيام في البداية إلا في بعض الدول، وتأخرت أخرى لأنها اقتنعت بالبروتستانتية ورفضت كل ما يأتي من روما إلى أن حسم الأمر في منتصف القرن الثامن عشر فعم أوروبا كلها فيما عدا روسيا التي تمسكت بتقويم مختلف يستند إلى أرثوذكسية الروم والصقالبة·
أما التقويم المصري فقد صمد على مرور السنين وآلافها فقد اكتشف المصريون بسرعة ضرورة حساب الربع يوم·· وقرأت في الموسوعة البريطانية أن علماء المصريات قد اختلفوا حول بداية العمل بالتقويم الشمسي فذهب بعضهم إلى تاريخ 2780 قبل الميلاد ونكون وفقا لقولهم في الألف الخامس، وفي الطرف الآخر من يرى أنه 4241 قبل الميلاد نكون حسب قولهم في أوائل الألف السابع، يرجع الخلاف في التقدير بسبب ظاهرة طبيعة نادرة وتسمى باقتران شروق الشمس بظهور نجم الشعرى وهذه ظاهرة تحدث مرة كل عدة قرون ويمكن أن نرتاح من هذا الخلاف إذا قلنا إن المصريين عرفوا التقويم الشمسي قبل توحيد مصر وأيا كان الحساب ليس فيه حضارة الآلاف السبعة· |