بادىء ذي بدء، لن يكون مفيدا البدء في أي حوار بين أهل العراق، أي حكامه الجدد، وبين الجانب الذي يمثل باقي الأمة العربية، سواء تمثل الجانب العربي بالرسميين أو بالمثقفين، قبل "اعتراف" الجانب العربي بالخطيئة، لا الخطأ، التي استمر العرب في اقترافها ضد شعب العراق الأبي مدة زادت عن ثلاثين سنة كاملة، كانت سنوات مرة مرارة شديدة على الشعب الشريف في العراق، ولكنه و،من الإنصاف الشديد، أن نشير إلى أن الجانب السوري كان الجانب العربي الوحيد الذي رفض أن يلطخ يده بدماء الشعب العراقي إبان الحكم الإرهابي السابق·
ولكننا كعرب يجب علينا أن نطلّق ثلاثا تلك الأساليب السقيمة السابقة في علاج أمورنا بالطرق البالية المعتمدة على مقولة "سامحني يا حبيبي" مع إضافة تلك القبلة التافهة "علاجا!" لمشاكلنا الرسمية التي تكون بين "الدول"·
فالعلاج في مثل تلك الحالات ينبغي أن يكون مما يطمئن الطرفين إلى أن مصالحهما معا هي مصالح محفوظة، وهذا يصعب أن يتحقق في دول غير محكومة حكما شعبيا ديمقراطيا، لذلك فمن حق العراقيين، كما أنهم هم دولة ديمقراطية، أن يتعاملوا مع دول لشعوبها كلمة مسموعة، وأن تكون تلك الشعوب هي الحاكمة حكما فعليا عن طريق أداة الديمقراطية، وهي الضامن الوحيد لأي اتفاقات تتم بين الدول العربية بعيدا عن الحكم الاستبدادي الذي يمكن أن يمارس أبشع أنواع دعم الظالمين من غير وجل من العواقب، ما دامت الشعوب قابعة في البيوت بعيدا عن صناديق الاقتراع·
فمسألة شتم أهل العراق من قبل من كانوا مجرد أدوات يلعب فيها صدام حسين خمسا وثلاثين سنة، ليست مما يمكن "تفويته" على الشرفاء الحقيقيين! ولكن الجانب العربي أيضا - من جانبه - له مطالبه التي لا نراها خطأ، مثل أن يضمن العراقيون الحاليون، وهم شعب العراق الحقيقي الشريف، للعرب الآخرين ألا يكون العراق منطلقا لجندي أجنبي واحد يقوم بعمل تافه أو كبير يمس أمن واستقرار أي دولة عربية أخرى·
نحن حاولنا ملامسة الجروح المفتوحة في هذه المقالة، ولكن هدفنا لم يكن إرضاء الطرفين، ولكن الحفاظ على مصالحهما وكرامتهما، فللعراقيين تجربة مريرة مع أغلب العرب، وفي هذا الصدد يجب أن يبادر العرب الذين ساعدوا صدام سابقا ضد جزء من الأمة العربية هو شعب العراق·· إلى إثبات أنهم الآن ذوو نيات صافية مع إخوتهم العراقيين، كما ينبغي على غيارى العراق أن يطمئنوا باقي العرب على أمنهم الوطني·· الذي لن ينفصل في المحصلة النهائية عن الأمن الوطني العراقي نفسه، باعتبار العراق جزءا مهما من الأمة العربية والأمة الإسلامية·
خارج الموضوع
ü قدس الله سر سماحة العالم الرباني الميرزا عبدالرسول الإحقاقي، هذا العالم الكبير الذي فجعت دولة الكويت وأمتنا الإسلامية بخبر وفاته، إن سماحة أخلاقه العالية ستبقى مطبوعة في ذاكرتي أبدا، فما أجمل العلم حينما يقترن بالتواضع، رحمك الله تعالى رحمة واسعة، وإنا الله وإنا إليه راجعون·
ü هل تعلم يا دكتور حسن جوهر أن حاضر العدالة، ومستقبل الاستقرار في دولة الكويت، مرتبطان في ضرورة ثباتك على مبادئك الحضارية التي هي بالضرورة مبادىء إسلامية لأنها حضارية وعادلة فيما يخص تعليم البدون؟ وهل تعلم الحكومة أن مسعى الدكتور جوهر الخاص بتجفيف منابع الأمية والإرهاب يحمي الحكومة نفسها داخليا وخارجيا أكثر مما يحمي البدون؟! ألا قاتل الله الجهل!!
drjr@taleea.com |