"السر في كونك شخصا مثيرا للملل، هو أنك تقول كل شيء"
فولتير
-1-
لا بد في البداية من توضيح معنى مصطلح "الغرقة" المستخدم في الكويت وهي الطوفان الذي تسببه مياه الأمطار والتي تصل إلى حد إغراق البلاد والعباد في طوفانات تذكرنا بمعاناة شعوب بنغلاديش والهند وسواها من البلدان المبتلاة بهذه المحن·
وكأن القدر أبى أن ينجلي فصل الشتاء علينا دون تذكرتنا بأن بنانا التحتية هي بكل بساطة "خرطي"، فقليل من المطر أحال البلاد إلى مستنقعات مائية عطلت حركة السير في الشوارع، وأغلقت الطرقات وطافت مجاري بعض البيوت والبنايات·
بمعنى آخر فإن البنى التحتية التي صار لنا نبني فيها عشرات السنين والتي يتشدق بها المعنيين عند كل حديث عن الإنجازات العملاقة للحكومات المتعاقبة في الملف الخدماتي والتي صرف عليها آلاف الملايين من الدنانير من الأموال العامة اتضح عند كل تجربة أنها وللأسف بلا أي جدوى·
-2-
غرقات مزمنة
تسلط الغرقات المزمنة التي نتعرض لها كل شتاء الضوء على ملف هام وحساس وهو كيفية تنفيذ المشاريع التي تلزمها الوزارة للمتعهدين والمقاولين ومدى مطابقتها للمواصفات الموضوعة لهذا الغرض، هذا إن كانت المواصفات الموضوعة من قبل الوزارة هي مواصفات صحيحة وقياسية كما هي في البلدان المتقدمة وليست "أي كلام" كما نخشى·
كما يجب التنبه إلى شروط العقود والمناقصات التي تطرحها الوزارة ويجب أن تكون مدروسة بعناية لتوافق المعطيات الموجودة في البلاد لا أن تكون "سلق بيض" باعتماد دفاتر شروط مترجمة عن مصادر أجنبية أو مستنسخة عن عقود سابقة دون أدنى تعديل أو تحديث، فالسكان في ازدياد وهناك ظروف مناخية وطبيعية خاصة بالبلاد ربما لا تكون موجودة في بلاد أخرى، كما أن هناك بنى صناعية وتجارية متزايدة لا تأخذها مشاريع البنى التحتية في الحسبان·
-3-
لكل وزير.. غرقة!
يبدو أن قدر كل وزير للأشغال أن تكون له غرقته الخاصة فالوزير المغادر كان له غرقته الخاصة التي تكلمنا عنها في وقتها، وعمل هو على تلافيها في السنوات اللاحقة وقد نجح إلى حد ما ربما لأن الحظ حالفه أيضاً، وإلا فما معنى أن تطل علينا الغرقة الجديدة بعد مغادرته الوزارة بأسابيع قليلة؟!
والغريب أن الغرقات كلها تقريباً تطل علينا في آخر أبريل بعد أن يكون أوله قد أطل علينا بكذبة أبريل التي لم نسمع فيها يوماً أن بنانا التحتية "تمام 100 في المية"، بل أن هذا الكلام الذي يصلح ليكون كذبة أبريلية طالما سمعناه من المعنيين في تصريحات صحافية وزيارات تفقدية ولقاءات إعلامية، ففي كل إطلالة للمعنيين بالملف الخدماتي كان هناك كلام الأول من أبريل وكأن كل إطلالاتهم الإعلامية ولقاءاتهم وتصريحاتهم كانت في الأول من أبريل!
-4-
علاج الغرقة
على أية حال فإن الأمر ليس سهلاً ولا يتحمل مسؤوليته الوزير الذي لم يستدل على مكتبه بوزارة الأشغال بعد، لكنها تذكرة بأن هناك خطأ جسيم في البنى التحتية للبلاد يجب الاعتراف به أولاً ومن ثم تشخيص حجمه ووضع الخطط المرحلية لمعالجته، فالأخطاء المتراكمة على مدى عشرات السنين لن تحل بكبسة زر من وزير أو حتى من أكثر من وزير، لكنها تحتاج لوقفة جادة من قبل الوزير الممسك بناصية هذا الملف وتعامل شفاف معه ومصارحة للرأي العام بحقيقة ما يجري وإلا فإن الغرقات ستكون قدرنا السنوي كل شتاء وبنانا التحتية ستترهل يوماً بعد يوماً لتسقط ورقة التوت عن كل الإنجازات الخدماتية·
دبابيس:
· كلام صاحب السمو الأمير لأبناء الأسرة في اجتماعه بهم وضع للنقاط على الحروف·· فتفكروا يا أولي الألباب!
· تأكيد صاحب السمو الأمير أنه هو نفسه لم يفكر بتعديل الدستور الذي وصفه بحصن الكويت الحصين ينهي السجال القائم، ويقعد الدنيا التي قامت ولم تقعد منذ تكلم النائب أحمد السعدون بما يدور في دواوين الكويت من تخوف·
· استجواب جديد في طريقه للولادة، قد يكون قدر العلاقة بين الحكومة والمجلس من استجواب لأخيه يا مواطن لا تحزن!
· وزيرة التربية أكدت أنها لن تصفي حساباتها مع قيادات التربية، هذا بحد ذاته اعتراف بوجود حسابات بين الوزيرة والقيادات، فهل تطلعنا الوزيرة على تلك الحسابات؟!
· الشجار الدموي الذي جرى بين أفراد قبيلتين يستوجب التأكيد من جديد على كون القانون وحده هو الحكم بين المتخاصمين مهما جرى··!
كاتب وصحافي كويتي
Al_malaas@yahoo.com |