رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 28 شوال 1426هـ - 30 نوفمبر 2005
العدد 1705

آليات العنف والإرهاب!!
د. محمد عبدالله المطوع
malmutawa@albayan.ae

هل يعقل أن يصبح القرن الحادي والعشرون، قرن الصراع والقتل، وانتهاك حقوق الإنسان وحقوق الشعوب في أن يعيشوا بسلام؟ يحدث ذلك في ظل سيادة القوى التي تدعي أنها جاءت لإنقاذ البشرية من الشرور القادمة من الشرق، من ذلك البلد الذي أطلق شرارة الحرب ضد الاستغلال والهيمنة، وطرح نظرية مثالية، لبناء مجتمع يعيش في سلم وعدالة وحرية!! وهو ما لم يتم، منذ العقد الثالث من القرن الماضي· حروب في كل مكان، ومعارك عمت أرجاء المعمورة، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، الحربان العالمية الأولى والثانية، واللتان تم بموجبهما تقسيم العالم إلى معسكرين، وبرزت المقولة الصارمة مع أو ضد، دون ترك الحرية للاختيار· كانت البداية الأولى لبروز الإرهاب الدولي! فأنت وطني من جهة، ومن جهة أخرى فأنت عميل، للرأسمالية أو الشيوعية!!

هكذا ومن دون مقدمات، ضاعت المعايير العلمية والإنسانية، وقامت أنظمة تمارس القهر وتنسى الفقر، وأصبح العالم الثالث ومن ضمنه الدول العربية والإسلامية مختبرات للتجارب· كانت المحصلة النهائية، إهمال الجانب الذاتي وخصوصية كل مجتمع، فعاش العالم الثالث صراعا أيديولوجيا ضد نفسه، وربما ضد مصالحه الوطنية· لم يكن هنالك مجال للعقل، بل سادت العاطفة والمصالح الآنية، وساهمت الأمية المتفشية، وسيادة الثقافة الشرقية بكل ما تحمله من مخلفات عصر الظلام، والتلاعب بالموروث الثقافي الإسلامي، وخاصة فيما يتعلق بسيادة العقلية الظلامية، سادت ثقافة العنف ضد الآخر، وبرزت للوجود آليات صراع كسر العظم، بين مفكري القومية الشوفينية، وبروز تيارات الإسلام السياسي وخاصة حزب الإخوان المسلمين· أولئك الذين يسعون للوصول للسلطة وبأي شكل من الأشكال، فالغاية تبرر الوسيلة، والغريب في الأمر، أن التحالف بين الغرب الكافر - حسب اعتقاد الإخوان المسلمين - والإخوانية كان قائما على أشده والهدف الذي يجمع من يمكن أن يكونا نقيضين كان محاربة الاتجاه الاشتراكي والعدالة الاجتماعية في الاتحاد السوفييتي والتي وجدت تربة خصبة بين شعوب الشرق لا سيما العربية منها· حيث انتشرت الأحزاب الشيوعية والاشتراكية وأصبح الفكر القومي العربي ملازما للفكر الاشتراكي في ثورة يوليو في مصر وفي الحكومات القومية في العراق وسورية والجزائر واليمن والسودان وسواهما· كان الصراع واضحا وبشكل لا يمكن تجاهله بين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بين المعسكرين· ولعل أحداث اليمن أكدت على ذلك، ومن المؤسف أن الأمة العربية قد دخلت في ذلك الصراع الذي جرها إلى الانحراف عن مسارها، نحو التنمية والتقدم والإعداد لمعاركها الأهم!!

من المؤكد أن كثيرا من الأنظمة السياسية، وفي ظل تحالفاتها الآنية، فرشت الطريق لأحزاب الإسلام السياسي في أن تستخدم كل الوسائل للوصول إلى أهم قطاع في المجتمع، وهم الشباب، سواء من خلال الهيمنة على وزارة التربية والتعليم، وبالتالي الهيمنة على المناهج، وعلى إعداد الكوادر التدريسية، والتي كان همها الأساسي، خلق جيل ممن يؤمن بأيديولوجية الحزب الديني، أو اتباع الإسلام السياسي الذي يسعى إلى القفز على السلطة·

لم تدرك معظم الحكومات العربية والإسلامية، إن أولئك الذين يسيرون على خطى ومنهج سيد قطب، إنما يسعون إلى السلطة وأن وسيلتهم هي استخدام الدين؟، وأن أهداف تلك الأحزاب لا تختلف عن أهداف الأحزاب السياسية الأخرى، الساعية للوصول إلى السلطة، ومن المؤسف له أن حرب أفغانستان، كانت المرحلة الذهبية، لتنامي تيارات العنف السياسي ضد كل القوى الوطنية والديمقراطية· فقد استفادت تلك الأحزاب من الحرب العالمية الثالث غير المعلنة بين المعسكر الرأسمالي والاشتراكي، عندما ارتكب الاتحاد السوفييتي خطأ تاريخيا حين ساند حركة بعيدة عن أرض الواقع في مجتمع قبلي متخلف، نسبة الأمية فيه عالية جدا، لا يمكن أن يتقبل أطروحات اليسار، لأنها خارج الإطار التطوري لذلك المجتمع·

في تلك الفترة، كانت البداية لبروز العنف والتطرف، زج بآلاف الشباب من العالم العربي والإسلامي في أتون تلك الحرب، وبدأت فكرة المناضل المسلم، وحلم الشهادة والجنة· لقد عملت أجهزة الإعلام للإسلام السياسي، في ترسيخ شخصية المسلم الحقيقي، وهي الشخصية الانتحارية، من خلال الكم الهائل من الأدبيات التي حببت الانتحار في سبيل المبدأ، والانتقال إلى الآخرة، والعيش في نعيم الجنة مع الحور العين· وهيأت تلك الكتب، هؤلاء الشباب للاعتقاد بأنهم سوف يصبحون، في الصف نفسه مع الصحابة  وشهداء المرحلة الأولى للإسلام!! لم تستنكر الأحزاب الدينية، وخاصة الإخوان المسلمين، ذلك الإرهاب والعنف، بل على العكس من ذلك، دفعت وبشكل منظم أولئك الشباب إلى الانخراط في تيارات الإسلام السياسي المتطرف، فهم كانوا يشكلون التروتسكية الإسلامية، على غرار ذلك التيار في المعسكر الاشتراكي· وإذا كانت الأحزاب والتيارات الدينية قدمت شبابها وقودا لتلك الحرب فإن المال العربي لم يبخل في الإنفاق بسخاء على تلك الحرب لدرء خطر الشيوعية عنه، وهكذا فإن ما قدم لدعم مجاهدي أفغانستان جاوز الثمانين مليار دولار أمريكي·

لقد كبر هذا التيار حتى على الذين دعموه وساندوه في أمريكا التي اتجهت أنظارهم إليها، وحدثت الطامة الكبرى، حينما وصل ذلك التيار إلى الولايات المتحدة الأمريكية فيما يعرف بأحداث، 9/11، حين ذاك أدرك الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، أن النبتة التي غرستها في أفغانستان برعايتها وعنايتها قد برزت أشواكها ووصلت إلى تهديد الإنسان والأمن الوطني والقومي الأمريكي·

إن كبير المناضلين ضد الشيوعية، السيد ابن لادن، قد قرر أن ينتقم من الدولة التي استخدمته، في حربها الباردة، بعد أن قررت أن تتخلص منه، حينما لم يعد له فائدة، في ظل النظام العالمي الجديد· ولم تدرك القوى العالمية أن حركة طالبان وتنظيم القاعدة، قد تحولتا من دمى في أيديهم إلى أدوات أيديولوجية تحرك المئات إن لم نقل الآلاف في ترسيخ مبدأ الشهادة للحصول على مقعد في الجنة· وأن هنالك مئات من البشر تؤمن بأن الدنيا فانية وأن الحياة الآخرة هي البقاء، وفي ظل إعلام يعزز  دور المنقذ لهذه الأمة·

لعل انعقاد ندوة في العاصمة البريطانية، يناقش موضوع العنف والإرهاب، وبرعاية وزارة الإعلام الكويتية، وبحضور عدد من المهتمين بهذا الموضوع سواء من الأكاديميين والإعلاميين أو ممن له علاقات واضحة بتيار الإسلام السياسي والقوى الليبرالية في دول مجلس التعاون إضافة إلى شخصيات من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية· هي الخطوة الأولى لدراسة ظاهرة الإرهاب· إلا أن العوامل الداخلية والدولية، مهمة في معالجة ظاهرة الإرهاب، تلك التي جعلت من العراق جحيما لا يطاق، ومن الأردن مقبرة للأفراح!! ومن لندن بلدا يعيش على رمال متحركة· إن للإرهاب جذورا تاريخية، في وجدان الإنسان البسيط، كانت بدايته حينما برز إلى السطح حزب يدعي أنه يملك الحقيقة كاملة، ويحارب كل من يعتقد أن له الحق في الاجتهاد، ويقف العالم عند هؤلاء عند حاكمية النص بعيدا عن المجتمع وحركاته وتناقضاته، والنص وحدهم (ووحدهم فقط) هم الذين يفسرونه ويوجهونه على هواهم قتلا وتدميرا وذبحا بسكين حادة رحمة بالضحية!

 

* وحدة الدراسات والبحوث

almutawa_mohammed@hotmail.com

�����
   

المعارضة·· قادمة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
معرض "الشطب" العربي:
د·أحمد سامي المنيس
فلسفة!!!:
سعاد المعجل
لكم الله:
يوسف الكندري
كويت تايتنك
Kuwait Taitanic:
محمد بو شهري
كتب ممنوعة:
المحامي نايف بدر العتيبي
ماذا أصاب المجتمع؟:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
الهجرة·· الأزمة المستمرة:
د. عبدالله الجسمي
الخليج ليس نفطا:
د. محمد حسين اليوسفي
الخليج ليس نفطا:
د. محمد حسين اليوسفي
أعداء الشعب الفلسطيني الجدد:
عبدالله عيسى الموسوي
"قل للمتولي إنه معزول":
عبدالخالق ملا جمعة
آليات العنف والإرهاب!!:
د. محمد عبدالله المطوع