هناك مقولة دائمة الترديد من بعض الناس عند الحديث عن البلدية بأنها "دوخة وأذية" وإذا ما أردت الحديث عن البلدية وما أدراك ما البلدية فإن الحديث ذو شجون، ويحتاج الأمر إلى مقالات ومقالات لتشخيص حالة المرض المزمن الذي أصاب البلدية ولا يوجد طبيب أو جراح لعلاج هذه الآفة المستعصية، ولا أكاد أبالغ حين أقول بأنه لا يوجد مواطن واحد لم يحصل له موقف غريب مع البلدية وخرج يضرب أخماسا بأسداس من جراء الفساد الذي أصاب هذا المرفق، فإذا ما أردت الحديث عن الفساد فإن أول مثل يتراءى إلى الأذهان هو البلدية، وإلى الآن لا أحد يعلم لماذا استمرأ الفساد في تلك المؤسسات وزاد إلى أن أصبح الداخل إليها مفقودا والخارج منها مولودا، ولعل آخر من تولى رئاسة هذه المؤسسة المهمة الحيوية والمرتبطة بمصالح المواطنين وتنظيم الجانب العمراني والخدماتي هو الصيدلي أحمد باقر، وإلى الآن لا نعلم أيضا سبب هذه الأجواء المتلبدة وهذا الاختلاف والشد والجذب بين الوزير والمجلس البلدي إلا أن البعض يعتقد أن سبب ذلك الخلاف هو تسلط السيد الوزير والبعض الآخر يعزي هذا الأمر إلى أن قانون البلدية قاصر والأعضاء مكبلون·
وفي الحقيقة مخطىء من يعتقد أن أحمد باقر وزير إصلاحي لمجرد أنه قد قام ببعض التعديلات والتغييرات وأحال عددا من المسؤولين من الصف الثاني إما إلى ديوان الوزارة كمستشارين أو إلى التقاعد بحركة تمثيلية بهلوانية لكسب التعاطف والتأييد والإعجاب·· ومما لاشك فيه أن الناس عاطفيون في هذه المسألة ولربما يفسر ذلك لتعطشهم ورغبتهم إلى الإصلاح الحقيقي وترجمته إلى أفعال ملموسة، ولذلك وإذا ما أردنا وضع الكشافات ووضع الأمر تحت المجهر على الحاصل في البلدية وأردنا تقييم هذا الوضع تقييما منطقيا عقلانيا بعيدا عن العواطف سنجد أن أحمد باقر لم يستطع وغير قادر على إزاحة الرؤوس الكبيرة في بلديتنا العتيدة، فإزالة مدير هنا أو مسؤول هناك ليس معناه الإصلاح وإلا أين برنامج عمل الوزير؟ وما خططه وأسلوبه؟ ولماذا لم يفصح عنها إلى الآن؟، بل إن هناك من يعتقد أن الوزير المنتخب لا يريد الدخول في مشاكل مع مجلس الأمة على اعتبار أن بعض القياديين محسوبون على بعض الأعضاء من ناحية ومع ناخبيه في الدائرة من ناحية أخرى!!
فمن الواضح بجلاء أن معالي الوزير لا يستطيع إلى الآن فعل أي شيء وترك الفساد المتراكم منذ عشرات السنين في البلدية والتي يرمز لها بأنها جرثومة الفساد في البلد، وأخذ يناكف الأعضاء راغبا بإحكام قبضته على المجلس البلدي حتى يبعد عنه الأنظار وتنسى الناس الفساد، ويدب اليأس في نفوسهم من أي إصلاح حقيقي· لذلك وباعتقادي لقد كان من الخطأ الجسيم تعيين السيد أحمد باقر في البلدية لأنه أولا، وزير غير متفرغ، وثانيا، أنه وزير منتخب له مصالح انتخابية مع الناس لضمان إعادة ترشيحه، وهذا ما يفعله الآن، وثالثا، هو وزير حزبي يطبق ما يملى عليه من قياديي حزبه·
إن مشاكل البلدية منذ عشرات السنين وأصبحت راسخة رسوخ الجبال لا يستطيع أحد حلها لا أحمد باقر ولا غيره حتى قال عنها سمو رئيس الوزراء قولته المشهورة (مشاكلها لا تحملها البعارين)· فيا سمو رئيس الوزراء إذا كانت مشاكلها لا تحملها البعارين أليس من الأجدى والأنفع أن يأتي وزير متفرغ لحل وتفكيك تلك المشاكل والهموم لأن مشاكل وزارة العدل تحتاج هي الأخرى إلى وزير متفرغ والسيد أحمد باقر ضيع (مشيته ومشية الحمامة) ولأن (صاحب بالين كاذب) وحتى يكون هناك إصلاح جذري للبلدية نرجوكم ونناشدكم يا سمو الرئيس إعادة النظر برئاسة وزارة البلدية وتطبيق رؤيتكم الخاصة بالإصلاح وفق مفهوم الرجل المناسب في المكان المناسب، فالناس تنظر لكم بعين التفاؤل والأمل· والناس سئمت مشاكل هذا المرفق المريض!!
***
يمكن وصف الحكومة الحالية بحكومة الدمج، فقد تم دمج أكثر من وزارة بوزير واحد ولا نعلم ما الأسباب، فالأرحام ما زالت تلد والبطون حبلى والكويت مليئة بالرجال والنساء الشرفاء والمخلصين· أم أن ذلك من عوامل الإصلاح المقبل· الله أعلم· |