يرسم المشهد السياسي في العراق بعد تداعيات التفجيرات الآثمة في بغداد وكربلاء صورة معتمة ومبهمة عما يجري وتؤكد هذه الصور أن هناك ارتباطا كبيرا ومعادلة مزمنة بين المكاسب والخسائر التي يتوقع البعض أنهم سيحصلون عليها أو قلق البعض أنهم سيسخرونها بعد رحيل قوات التحالف من العراق، وخصوصا أن خريطة العراق الديمغرافية تشجع على ذلك، والتأثير الإقليمي ليس بمنأى عن هذه التداعيات··
ومما تجدر الإشارة إليه أنه من السذاجة أو يمكننا وبتعبير ألطف أن نقول إنه من التسطيح للأمور أن يقوم البعض باتهام الموساد والسي آي إيه بالوقوف وراء تلك التفجيرات الدموية (بالتأكيد ذلك من صالح الصهاينة)، أما من يميل إلى التعميم ويدعو الله عز وجل أن يجنبنا أوار الفتنة وسعيرها يكون كمن يدفن رأسه في الرمال ولا يضع النقاط على الحروف كي يعالج التطرف من جذوره، فهو لا يشير بالضبط إلى الجناة وهم معروفون للقاصي والداني، إنما ينسب الفعل إلى أشباح ثم يطلب من الضحية التصبر والحلم وتقديم الحكمة والعقل! "باستثناء تصريح الدكتور عجيل النشمي الوطن 2004/3/6"·
إن تلك التفجيرات والتي سبقتها في شتى أنحاء العالم الإسلامي هي نتاج لخط ناري متطرف منتشر في كل المجتمعات يعتاش من تثقيف أوساطه وأتباعه بالحقد والتحريف والابتداع وسوء الظن بالآخرين من أجل محاصرتهم وإلغائهم، فهذه المنظومة المتطرفة تمضي بقراءتها للتاريخ وتكيفه بقداسة تخرج كثيرا من منظريها عن جادة النزاهة ومفاصل الصواب إلى طريق زلق أو مسدود، لقد وجد هذا النزق فرصته في تصفية اضطرابه النفسي وخوائه الفكري في الاحتجاج والمناظرة أن يحول معركته الكلامية و"الانترنتية" والكتابية إلى معركة "بالديناميت" على أرض العراق حيث يختلط الحابل بالنابل ووجود مبررات كافية بأن يكون الجاني في مأمن من الاتهام المباشر·· إن تكرار هذه الأفعال في أكثر من دولة يلزم من يهمه الأمر الحذر من هذا التنظيم المتطرف الذي يمارس القتل والتدمير تحت مبدأ "الحاكمية" وفي أدبياتهم اعتقاد رائج كما اعتقد "الخوارج" ذلك قبلهم بأنهم هم الأقدر والأفهم في الاستنباط وأن مفاتيح الجنة بيدهم وممهدة فقط لأتباعهم! إن في عدم التجاوز على السيرة الإنسانية النبوية ونصائحه وإرشاداته عليه الصلاة والسلام تعتبر من ضرورات الإسلام· |