في الأسبوع الماضي صدرت عدة فتاوى تندد بقيام لاعبة تنس هندية مسلمة لأنها تلعب التنس بتنورة قصيرة، وقبل ذلك ظهرت فتاوى وتصريحات من "مفكرين وعلماء" ينددون بمشاركة فتاة بريطانية مسلمة من أصل عراقي بمسابقة لملكة جمال بريطانيا· في مقابل ذلك لم نسمع أحدا من هؤلاء العلماء والمفكرين الذين أخذتهم الغيرة والحمية على سمعة الإسلام، أقول لم نسمع أحدا منهم ينبس ولو ببنت شفة عن أنهار الدماء التي تجري في العراق، هذا إذا استثنينا "هيئة علماء المسلمين" في العراق "جزاهم الله خيرا" التي أصدرت بياناً "ناعماً" وجهته إلى "الأخ الزرقاوي" تتمنى عليه بكل الحب والتقدير أن لا يسيء إلى مفهوم الجهاد باستهدافه المدنيين·
كيف يمكن أن نقرأ السكوت المطبق لعلماء المسلمين والمفكرين عن الإدانة الصريحة لمثل هذه الجرائم البشعة التي ترتكب في العراق؟ الأمر لا يحتمل إلا أن يكون أحد ثلاثة احتمالات، فإما هم موافقون على ما يحصل أو أنهم خائفون من أن يقولوا رأيهم بإدانة ما يحصل أو أنهم لا يرون في الأمر أهمية توازي أهمية التنديد بتنورة اللاعبة الهندية· أيا كان السبب الحقيقي لهذا الصمت فإن الأمر يمثل مشكلة حقيقية عندما يسكت من يفترض أن يوجه الأمة ويقودها، فإذا كانوا يرون ما يحدث في العراق جهاداً فليوجهوا الجميع إليه وليبدؤوا بأنفسهم، وإن كانوا يرون ذلك يسيء إلى اسم الجهاد فلابد أن تكون صرختهم وتنديدهم بحجم الجرائم التي ترتكب وبحجم الدماء التي تسيل·
إذا كان "علماء الدين" يعتبرون أن سيقان لاعبة التنس العارية هي أخطر على سمعة الإسلام من الوحشية التي تمارس باسم الإسلام في العراق فلابد أن الإسلام مبتلى بهكذا عقول خاوية، وإذا كان هؤلاء "العلماء" يعتبرون أن مشاركة فتاة مسلمة في مسابقة ملكة الجمال عار على المسلمين في حين لا يرون في أفعال الزرقاوي أي عار وتشويه لصورة الإسلام ولا يكلفون أنفسهم التنديد بما يقوم به فإن ذلك يدل على أي مستوى من التخلف وصل إليه من يدعون الفقه والورع· هذا إذا أخذناهم على حسن النية، ولكن ربما يكون دافع ذلك مرده إلى التعصب والعنصرية والتحزب الطائفي، وعند ذلك تكون مصيبتنا فيهم أعظم·
salahma@yahoo.com |