رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 4 اكتوبر 2006
العدد 1745

رأي الطليعة
حريات المجتمع المدني ليست منـّة

 أثار تهديد "المصدر الحكومي" حول جمعيات النفع العام مخاوف من عودة الحكومة الى سياسة التضييق على حريات المجتمع المدني مرة أخرى، فبعد أن ألغت المحكمة الدستورية أغلب مواد قانون التجمعات ومارس المواطنون حقهم في التعبير عن آرائهم بكل حرية من خلال التجمعات الشعبية التي أقامها الشباب خلال "الحملة البرتقالية"، وبعد أن نجحت القوى الشعبية في الضغط لإنجاز قانون الدوائر الخمس وأفشلت أغلبية المعارضين له، بعد كل هذا يخرج من يلقي تلك التصريحات التي تنم عن عقلية عفا عليها الزمن، عقلية "المصدر الحكومي" التي تنم عن ضيق بالديمقراطية والحريات العامة والخاصة وتعبر عن الرغبة القديمة - الجديدة للعودة الى حكم الشيخة التقليدي·

إن الشعوب تسعى دوماً الى مزيد من الحريات ومزيد من الديمقراطية وليس النكوص الى مرحلة حكم ما قبل الدولة الحديثة·

والمجتمع المدني ركن أساسي من أركان الديمقراطية لا تصلح إلا به ولا يصلح من دون حرية الحركة والعمل والتعبير· إن من يسعى لتحجيم حركة المجتمع المدني لا يفكر أن يقف عن ذلك، بل تراه يتربص ببقية المكتسبات الدستورية إن ترك له المجال في مسعاه·

إن قانون جمعيات النفع الحالي لا يقل سوءاً عن قانون التجمعات المقبور ولا بد من تحرك نيابي سريع لتغير هذا القانون واستبداله بآخر يعكس روح الدستور ومنطق العصر، بدلاً من التعامل مع هذه الجمعيات التي تمثل أهم قطاعات الشعب الكويتي المهنية والثقافية وكأنها تجمعات أطفال بحاجة الى وصاية من قبل الدولة أو بعض مؤسساتها·

لقد تسربت أنباء قبل فترة عن دراسة عرضت في المجلس الأعلى للتنمية والتخطيط مفادها تشكيل هيئة حكومية تحت إشراف المجلس الأعلى تكون مهمتها الرقابة على جمعيات النفع العام بشكل يقيدها ويعيدها خطوات الى الوراء وتكون بديلاً لإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وقد علقت عليه "الطليعة" مباشرة بعد انعقاد أول اجتماعات اللجنة المكلفة بترويج تلك الفكرة·

إن المطلوب ومع تطور المجتمع ومع هذا الانفتاح العالمي على مزيد من الحريات أن يتم تطوير قانون جمعيات النفع العام بشكل يرفع وصاية الدولة عنها بشكل كامل عدا متابعة أي مخالفة للقوانين، وأن يرفع يد الحكومة ليس فقط في إشهارها بل كذلك في دعمها مادياً، فمنظمات المجتمع المدني الحقيقية لا يفترض أن تتلقى دعماً مالياً من الدولة وفي الوقت نفسه لا تخضع لموافقتها الأولية على الإشهار·

�����