رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 10 مايو 2006
العدد 1727

تحليل سياسي
هل الدستور خطأ تاريخي؟

منذ إقراره في 11 نوفمبر 1962 وربما قبل ذلك أيضاً هناك من اعتبر الدستور الكويتي مصيبة لابد من التخلص منها، بينما رأى فيه من ناضلوا من أجله ومن دفع به وصادق عليه صاحب السمو المغفور له الشيخ عبدالله السالم، أنه وثيقة أساسية لدولة مؤسسات تنتمي الى المستقبل لا الماضي وترنو الى مصاف الدول المتقدمة ولا تنافس جاراتها في حكم العشيرة وتتطلع الى التنمية ولا تعيش في أحضان التخلف، تحترم الإنسان كمواطن لا كرعية تابع·

إلا أن الكفة سارت لصالح من اعتبروه "مصيبة"، فما كان منهم بعد وفاة حارس الدستور وأبو الديمقراطية إلا أن تحزموا للتخلص من الدستور، وكان خيارهم الأول تحويله الى وثيقة فارغة لا قيمة لها عن طريق إقرار قوانين مخالفة له عن طريق الأغلبية النيابية المؤيدة لهم، وهو ماحدث عندما أقرت قوانين التجمعات والوظائف العامة والتعديل على قانون الصحافة ما حدا بثمانية من نواب المجلس لتقديم استقالتهم التاريخية المشهورة احتجاجاً على ذلك الانتهاك الصارخ للدستور·

ولما شعروا أنهم لن يحققوا الأغلبية التي يطمئنون لها في مجلس1967  زوروا الانتخابات بشكل سافر بعد أن عبثوا في جداول الناخبين عن طريق التجنيس المتعمد للتأثير على نتائج الانتخابات·

ولما عاد المجلس في العام  1971  وحقق ما حقق من إنجازات رغم أقلية النواب المحسوبين على القوى الوطنية آنذاك، بدأ التفكير في تعديل (تنقيح) الدستور وبخاصة بعد ما أكدت نتائج 1975 مخاوفهم من تفعيل الدستور، واستمرت المحاولات حيث حل المجلس في 1976  بشكل غير دستوري ولمدة غير محددة، وشكلت في العام 1980  لجنة لتنقيح الدستور (بشكل غير دستوري أيضا) ولم تأت نتائجها كما أراد الراغبون في الإجهاز على الدستور·

وبعد أن تغيرت الظروف الموضوعية في المنطقة ومع تصاعد المطالبة الشعبية في عودة الحياة الديمقراطية، عاد المجلس مرة أخرى لكن بعد العبث في توزيع الدوائر الانتخابية واعتماد نظام الـ 25  دائرة، حيث فصلت تفصيلاً دقيقاً لينتج عنها مجلس على مقاس وحسب إرادة الراغبين في تنقيح الدستور وتحويله الى ديكور ديمقراطي·

نجحوا في الحصول على مجلس1981  الذي يريدون ولم يفلحوا في تنقيح الدستور، فهل انتهت محاولاتهم؟ أبدأ لم تنته، فما حدث كان هو الأخطر على الإطلاق وخاصة بعد حل مجلس الأمة بشكل غير دستوري مرة ثانية في العام 1986 واستبداله بالمجلس الوطني المنحوس، الذي اعتبر الضربة الأخيرة القاضية على الدستور والمسيرة الديمقراطية بأكملها، الى أن غزا الطاغية صدام الكويت واحتلها وعقد الكويتيون مؤتمر جدة الذي ما كان له أن يعقد لولا أن حصلت القوى الوطنية على تأكيدات على ضرورة عودة العمل بدستور62  وإعادة الحياة الديمقراطية بعد تحرير الكويت·

هنا وبعد التحرير، وبعد أن فشلت بفعل مؤتمر جدة محاولة استبدال مجلس الأمة بالوطني والقضاء على الدستور الذي نعرف، عادت الى الأذهان الفكرة الأولى التي بدأت في العام 1965 بتمرير قوانين مخالفة للدستور من خلال مجلس الأمة·

فالصراع بين الفريقين بدأ بعد إقرار الدستور ولم ينته حتى بعد أن لعب الدستور دوراً رئيساً وبارزاً في إنقاذ الكويت مرتين الأولى في مؤتمر جدة والثانية في أزمة الحكم، ورغم ذلك لا يزال من يرى في دستور62  خطأً تاريخياً يجب التخلص منه، وسيلتهم الآن هي الإبقاء عليه من دون تنقيح وتجاوزه في تمرير كل القوانين التي يريدون وإلغاء دور مجلس الأمة الرقابي في قتل الاستجوابات ومنع الإطاحة بالوزراء المتجاوزين مستخدمين الأغلبية النيابية "الموالية" التي لايمكن أن تصل الى المجلس إن تغير توزيع الدوائر الى خمس، وهنا مربط الفرس وهذا هو تفسير كل الألاعيب التي استخدمت ضد تقليص الدوائر!!

�����