حسنا فعل وزير الإعلام بإقناعه الحكومة القبول بالتعديلات التي سعى إلى إحداثها في مشروع قانون المطبوعات والنشر المعروض على مجلس الأمة والمتوقع نقاشه وإقراره قريبا، فعلى الرغم من أن القانون بصيغته الحالية بعد تعديلات الوزير لا يمثل الطموح الذي تمناه وعمل من أجله المهتمون بحرية الصحافة والفكر إلا أنه يمثل صيغة "أفضل الممكن" بحسب الظروف والمعطيات الحالية، وهو ما يترك الباب مفتوحا لمزيد من العمل من أجل إقرار قانون للمطبوعات والنشر ينسجم ودستور 1962 روحاً ونصاً ويفتح الباب أمام ممارسة أصحاب الفكر والقلم لحريتهم في الكتابة والإبداع·
القانون الذي يطمح إليه الساعون نحو مزيد من الحريات وبالتحديد حرية التعبير يشمل فيما يشمل سد الباب تماما على تدخل أي قانون آخر في الشأن الصحافي كقانون الجزاء الذي ترك النفق مفتوحا عليه في مشروع القانون الجديد وهو ما يتيح المجال لفرض أحكام على الكتاب والصحافيين كان المفترض أن يلغيها المشروع الجديد كالحكم بالحبس وغيرها من الأحكام المرفوضة·
كما يطمح الساعون إلى مزيد من الحريات الصحافية إلى تقليص الغرامات المالية التي يفرضها المشروع الجديد والتي ستحيل في حال إقرارها رؤساء التحرير إلى رقباء أشد وطأة على زملائهم المحررين من رقابة الوزارة ذاتها، كما سيشكل هاجس الغرامة المالية الكبيرة مصدر قلق لدى الكاتب والصحافي قد يشل قدرته على التفكير والإبداع·
ومن جانب آخر يسعى الطامحون بقانون أرحب إلى بحث الجوانب المتعلقة بتأثير التعطيل الإداري "الموقت" على قدرة الصحف على الاستمرار في حال تعرضت إلى أكثر من حادثة تعطيل في أوقات متقاربة·
يبقى أن إقرار هذا المشروع رغم التحفظات عليه يشكل انتهاء لمرحلة القانون الحالي الذي شكل عائقا على مدى السنوات التي تلت إقرار الدستور واعتبر أحد أكثر القوانين المطبقة إخلالا بالمبادىء الدستورية، وكل ما نتمناه ألا يقف حماس الحكومة عند اقتراحه فقط بل نتوقع أن تتحمس له بمقدار حماسها لإقرار الحقوق السياسية للمرأة الكويتية وألا يترك مصيره لنواب متخصصين في إظهار "استقلاليتهم" في مثل هذه المواقف·
إغلاق "الوطن"
صدر في مطلع الأسبوع الجاري حكم لصالح الدكتور أحمد البغدادي ضد رئيس تحرير جريدة الوطن وأحد كتابها الذي تطاول على الدكتور البغدادي في مقالة عنوانها "لماذا يكره البغدادي والليبراليون القرآن؟"، ورغم أن الحكم أنصف الدكتور البغدادي الذي تعرض إلى حملة من رفع القضايا عليه من قبل المنتمين إلى التيارات الدينية المتزمتة وعلى الرغم من احترامنا الكامل للقضاء إلا أن الحكم انطوى على أمرين يصعب على أي صحافي يحترم المهنة القبول بهما: "حبس الصحافي وتعطيل الجريدة"، والعيب هنا ليس في الحكم إنما في القانون الذي نتمنى أن يزاح عن كاهل الصحافيين قريبا بإقرار مشروع القانون الجديد للصحافة والمطبوعات·