استنكر الناس في الكويت الأعمال التخريبية التي قامت بها مجموعة كبيرة من الشباب حينما أقدموا على اقتحام وتحطيم مبنى محطة "الراي" الفضائية في السالمية على خلفية ما تلفظ به فنان في أحد البرامج واعتبره هؤلاء تطاولا على قبيلتهم·
وإذا كان من حق أي مواطن أو مجموعة من المواطنين الاحتجاج وأن يعبروا عن ذلك بالوسائل السلمية إلا أن أسلوب تجاوز القانون والتعدي على الممتلكات والأفراد وخصوصا موظفي الدولة أو رجال الأمن، أمر ليس مقبولا فقط ولكن مستنكر·
فالحادثة كشفت أوضاعنا المتردية ومنها عدم احترام القانون من قطاع كبير من المواطنين من جانب، وعدم تطبيق الدولة للقانون من جانب آخر·
إن الحادثة الأخيرة ليست عرضية، فقد لمسنا على مدى السنوات الأخيرة شيوع حالة من الاستهتار بالقوانين وذلك لكثرة المخالفات والتعديات بجميع أشكالها بدءا من مخالفات البناء ومرورا بمخالفات المرور وانتهاء بمخالفات الاستيلاء على أموال الدولة وأراضيها·
كل هذا يحدث والدولة تتفرج بل إن السلطة التنفيذية هي أول من يشجع على تجاوز القوانين والشواهد على ذلك كثيرة وأكبر من الحصر، وحتى تدخلات أعضاء السلطة التشريعية في كسر القوانين أو تجاوزها والالتفاف عليها ما كان لها أن تتم لولا "تسامح" السلطة التنفيذية في ذلك حتى أصبح الكل يقول إن الحكومة لا تستطيع أن تتشدد في تطبيق القانون و"تطوّف" لمجلس الأمة لأن "بلاويها" أكثر!!
إن الحادثة الأخيرة ليست كل الصورة، إنما هي مؤشر ينبئ بما هو أفدح، فالكويت اليوم -ونقولها بأسف شديد - أصبح ينظر لها من الخارج على أنها مرتع للفساد، فتقرير منظمة الشفافية الأخير يكشف تراجعا سلبيا في ترتيبنا ضمن قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم وكتاب السفير الأمريكي الموجه إلى وزير الخارجية مؤخرا أيضا يبين تجاهلنا لمعالجة سوء أحوال الخدم واستخدام الأطفال دون سن الثامنة عشرة·
نعلم أنه في كل دول العالم بما فيها المتقدمة هناك تجاوزات للقانون ولكن الفرق بين دولة متقدمة وأخرى متخلفة أن الأولى تردع المتجاوزين، أما الثانية فهي إن لم تكن تتفرج على التجاوزات بسبب ضعفها فهي ضالعة حتى العظم في المخالفات بل هي أكبر المخالفين، وعليه فإن مكمن الداء عندنا هو: عدم تطبيق السلطة للقانون، وكل حديث آخر هو مجرد تفاصيل لا تسمن ولا تغني من جوع·
·· فإلى متى؟!!!