رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 19 محرم 1425هـ - 10 مارس 2004
العدد 1618

رأي الطليعة
هل تنتهي المسألة بالاستقالة فقط؟

انتهى الاستجواب ولم تنته قضاياه فهي ممتدة ما امتدت أيدي الفساد تنهش جسد هذا البلد غير عابئة بصيحات أبنائه الغيورين على امتداد مجالس الأمة التي تقطعت أوصالها إن بشكل دستوري لمرة واحدة أو بأشكال غير دستورية مرتين، ما قدمه النائب مسلم البراك مدعوما من النواب والقوى الوطنية في استجوابه التاريخي ليس سوى فصل جديد في مسلسل طويل من الفساد في أجهزة الدولة وعلى أعلى المستويات كشف فيه تفاصيل جديدة لنهب مقدرات هذا البلد من قبل النافذين وذوي الحظوة والمستنفعين على حساب أموال البلد·

وليس بعيدا عن الأذهان الفصل السابق من هذا المسلسل في أواخر أيام الفصل التشريعي التاسع من مجلس الأمة عندما عرض النائب عبدالله النيباري تفاصيل انتهاك حرمة الأموال العامة في قضيتين يعلم القاصي والداني كم ضاع فيهما من أموال الشعب تحت مبررات المبادرات والـ BOT التي سماها أحد النواب "بوق ولا تخاف"، مضت تلك التجاوزات وهاهي الجهات المستفيدة تعرض أجزاء من مشاريعها للبيع بعد أن كانت تسميها "مبادرات للمساهمة بمعالجة أزمة الإسكان"، واليوم يأتي البراك ليستجوب الحكومة بأكملها، فالقضايا التي طرحت في الاستجواب وبشكل موثق ودقيق لم تقف عند حدود الوزير والجهات التي يشرف عليها فقط، بل طالت معظم أجهزة ووزارات الدولة ويحتاج علاجها الى موقف حكومي واضح ينتقد تلك الممارسات ويقوم بمعالجتها إن أرادت حكومة الشيخ صباح الأحمد أن تقنعنا بأنها حكومة إصلاح مختلفة عن سابقاتها·

أما أن يضحى بالوزير وتبقى فضائح الاستجواب كما هي من دون علاج فهذا هو الفساد بعينه، فهل يعقل أن تنتهي كل هذه الانتهاكات وتطوى باستقالة الوزير أو إقالته أو بانتهاء عمر مجلس الأمة وكأن الأمر ليس سوى مسرحية يسمح فيها للنواب بالنقد وكشف المستور من خبايا الفساد ثم تنتهي بكبش فداء لتستمر الانتهاكات بانتظار فصل جديد من فصول هذه المهزلة السرمدية؟

لذا يجب أن يعتبر هذا الاستجواب بداية جادة لمجلس الأمة والحكومة لمعالجة قضايا الأموال العامة والفساد المالي والإداري ونهب الأراضي والقضايا العالقة التي ستلحقها مخالفات أخرى محتمل وقوعها في المستقبل المنظور، سواء في مشاريع جزيرة فيلكا أو شاطئ الصليبيخات أو تلك التي لم تتم إنما وضعت على نار هادئة بانتظار الفرصة السانحة كمشروع النهر العظيم الذي يبدو أنه أوقف بشكل موقت فقط، ناهيك طبعا عن قضايا الفساد التي قيل إنها تتعلق بأموال الأمريكان مثل فضيحة التنمية - هاليبرتون ومشروع مياه إيران وما ينتظر مشروعات محطات الطاقة وتحلية المياه التي طفت على السطح بشكل مفاجئ وكأننا لا نملك القدرة على التخطيط لأشهر وسنوات·

تميزت جلسة الاستجواب باستقطاب نيابي لم يشذ عنه إلا نواب الحركة الدستورية (الإخوان المسلمين) والنواب المحسوبون على الحكومة أو في جيبها ونجاح الاستجواب في تحقيق نزع الثقة من وزير المالية والإطاحة به يعود الى ذلك الاستقطاب والانسجام والى مساندة الشارع السياسي وما يعانيه البلد من تدهور وتردٍ يستدعي المحافظة على هذا التناغم والانسجام وتوظيفه لإجراء إصلاحات تشريعية جذرية مستحقة تشمل قوانين الانتخاب، والمطبوعات، والتجمعات وجمعيات النفع العام، وغيرها من القوانين المخالفة للدستور نصا وروحا وغير المنسجمة مع الديمقراطية الحقة·

�����